للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

طَعَامًا وَرُطَبًا فَالْإِسْنَادُ بِهَا صَحِيحٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ التَّمْرِ فَضَعِيفَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

(الرَّابِعَةُ) ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا ذَكَرَ لَهُ سَلْمَانُ أَنَّهَا صَدَقَةٌ لَمْ يَأْكُلْهَا هُوَ وَلَا أَصْحَابُهُ لَكِنْ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ وَهُوَ أَصَحُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ارْفَعْهَا أَيْ عَنِّي لَا مُطْلَقًا.

(الْخَامِسَةُ) هَذَا الَّذِي فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّهُ جَاءَهُ بِصَدَقَةٍ مَرَّتَيْنِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فِي الشَّمَائِلِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا رَأَيْته فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ، فَإِنْ صَحَّ فَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِتَكْرِيرِ ذَلِكَ أَنْ يَتَأَكَّدَ عِنْدَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَكْرِيرِ الْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ خَصَائِصِهِ الِامْتِنَاعَ مِنْ أَكْلِ الصَّدَقَةِ أَمَّا أَكْلُ الْهَدِيَّةِ فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ لِعَارِضٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة الصَّدَقَة عَلَى النَّبِيّ] ١

(السَّادِسَةُ) فِيهِ تَحْرِيمُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُورُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمَنْ يَقُولُ بِإِبَاحَتِهَا لَهُ يَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِهِ مِنْ أَكْلِهَا تَحْرِيمٌ وَكَذَا قَوْلُهُ «إنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ يَتْرُكُ ذَلِكَ تَنَزُّهًا عَنْهُ مَعَ إبَاحَتِهِ لَهُ، وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِيهِ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الِامْتِنَاعَ عَنْ أَكْلِ الصَّدَقَةِ إمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا تَنَزُّهًا.

[فَائِدَة الفرق بَيْن الصَّدَقَة والهدية] ١

(السَّابِعَةُ) فِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَأَنَّهُمَا حَقِيقَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْهَدِيَّةِ حَمْلُهَا إلَى مَكَانِ الْمُهْدَاةِ لَهُ إعْظَامًا لَهُ وَإِكْرَامًا وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الصَّدَقَةِ تَمْلِيكُ الْمُحْتَاجِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَ بَعْضُ شُيُوخِنَا تَقْيِيدَ الصَّدَقَةِ بِالِاحْتِيَاجِ وَقَالَ: إنَّ الْإِعْطَاءَ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ صَدَقَةٌ سَوَاءٌ كَانَ لِغَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَبِحُصُولِ الثَّوَابِ فِي إعْطَاءِ الْغَنِيِّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ كَيْفَ تَتَحَقَّقُ الْمُنَافَاةُ بَيْنَهُمَا مَعَ إمْكَانِ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ أَعْنِي حَمْلَهَا إلَى مَكَانِ الْمُهْدَاةِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ لَهُ وَالْإِكْرَامِ، وَكَوْنُ الْإِعْطَاءِ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا لِاسْتِمَالَةِ ذَلِكَ الْمُعْطَى بَلْ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>