. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مِنْك بِكَذَا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ يُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُعَاطَاةِ وَبَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَإِذَا عُلِّلَ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَإِذَا فُسِّرَ بِأَمْرٍ لَا يَعُودُ إلَى ذَلِكَ اُحْتِيجَ حِينَئِذٍ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُعَاطَاةِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهَا. (قُلْت) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُعَاطَاةَ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهَا إنَّمَا تَجُوزُ فِي الْمُحَقَّرَاتِ أَوْ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالْمُعَاطَاةِ، وَالْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ عِنْدَ مَنْ كَانَ يَسْتَعْمِلُهَا لَا يَخُصُّهُمَا بِذَلِكَ لَكِنْ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ فَنَقَلَ عَنْهُمْ أَنَّهُ يَجْرِي فِي بَيْعِ الْمُنَابَذَةِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمُعَاطَاةِ فَإِنَّ الْمُنَابَذَةَ مَعَ قَرِينَةِ الْبَيْعِ هِيَ الْمُعَاطَاةُ بِعَيْنِهَا وَحَكَى الرَّافِعِيُّ أَيْضًا عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ بَيْعَ الْمُلَامَسَةِ فِي حُكْمِ الْمُعَاطَاةِ. انْتَهَى.
وَقَدْ عَرَفْت الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا.
[فَائِدَة بَيْعِ الْغَائِبِ] ١
{الْخَامِسَةُ} اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ بُطْلَانَ بَيْعِ الْغَائِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) : الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَفِي رِوَايَةِ الْبُوَيْطِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ. وَ (الثَّانِي) الصِّحَّةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وُصِفَ أَمْ لَا وَلَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلٌ عَنْ مَالِكٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ بَطَّالٍ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ ثُمَّ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي الْقَاسِم الْقَزْوِينِيِّ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إجَازَةُ بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ إذَا نَظَرَ إلَيْهِ وَافَقَ الصِّفَةَ أَوْ لَمْ يُوَافِقْهَا مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ سَوَاءٌ، قَالَ هَذَا فِي كُتُبِهِ الْمِصْرِيَّةِ. انْتَهَى.
وَمَا حَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَا يُعْرَفُ عَنْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِهِ وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي كُتُبِهِ الْمِصْرِيَّةِ إنَّمَا هُوَ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ. وَ (الثَّالِثُ) الصِّحَّةُ إنْ وُصِفَ، وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالْإِمْلَاءِ وَالصَّرْفِ مِنْ الْجَدِيدِ وَصَحَّحَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَأَهْلِ الظَّاهِرِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَفَاصِيلِهِ.
فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ الْمَبِيعِ وَنَوْعِهِ وَفِي وَجْهٍ يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ وَلَا حَاجَةَ إلَى النَّوْعِ وَفِي وَجْهٍ لَا يُحْتَاجُ إلَى الْجِنْسِ أَيْضًا فَيَقُولُ بِعْتُك مَا فِي كُمِّي أَوْ كَفِّي أَوْ خِزَانَتِي أَوْ مِيرَاثِي مِنْ فُلَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute