للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الْمُرَادُ الزَّجْرُ وَالتَّوْبِيخُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ لَهُمْ حُكْمُ الْوَلَاءِ، وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَمَّا لَحُّوا فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا الْكَلَامَ بِمَعْنَى لَا تُبَالِي سَوَاءٌ شَرَطْتِيهِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ. وَقِيلَ كَانَ يُبَاحُ اشْتِرَاطُ الْوَلَاءِ لِلْبَائِعِ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَثْبُتُ لَهُ ثُمَّ نُسِخَ بِخُطْبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا جَوَابُ ابْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ: أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الْخَاصَّةِ، وَهِيَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا.

قَالُوا: وَالْحِكْمَةُ فِي إذْنِهِ فِيهِ ثُمَّ إبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قَطْعِ عَادَتِهِمْ فِي ذَلِكَ وَزَجْرِهِمْ عَنْ مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعَلَهُ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ الْمَفْسَدَةَ الْيَسِيرَةَ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ. انْتَهَى.

وَإِذَا عَرَفْت هَذِهِ الْأَجْوِبَةَ تَبَيَّنَ لَك ضَعْفُ اسْتِدْلَالِ مَنْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى اخْتِصَاصِ الْبُطْلَانِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْعَقْدِ بَلْ يَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ فَاسِدًا، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ النَّسَائِيّ وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَطَائِفَةٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ.

[فَائِدَة الْوَلَاء لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ]

(الْخَامِسَةُ) فِي قَوْلِهِ إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتِقُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْعَتِيقَ لَا يَرِثُ سَيِّدَهُ لِحَصْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْوَلَاءَ فِي الْمُعْتِقِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ إلَى أَنَّهُ يَرِثُ كَعَكْسِهِ.

[فَائِدَة أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ أَوْ كَاتَبَهُ فَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ] ١

(السَّادِسَةُ) وَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالِ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ أَوْ كَاتَبَهُ فَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ أَوْ اسْتَوْلَدَ أَمَةً فَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ، وَكَذَا يَتَنَاوَلُ الْوَلَاءَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسَهُ، وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ وَهِيَ إعْتَاقُ الْكَافِرِ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ فَقَالَ بِمُقْتَضَى الْحَدِيثِ فِيهَا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْجُمْهُورُ، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>