. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْمَرْأَةِ إذْ لَوْ جَازَ فِي الْبَيْتِ لَفَعَلُوهُ وَلَوْ مَرَّةً لِمَا فِي مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْمَشَقَّةِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ نَافِعٍ، وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَالْجُمْهُورُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيِّينَ مُطْلَقًا أَنَّهُمْ قَالُوا لَا تَعْتَكِفُ إلَّا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَلَا تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ ثُمَّ حَكَى عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهَا الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ زَوْجِهَا وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لِلرَّجُلِ أَيْضًا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى الْخَطَّابِيِّ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ اعْتِكَافَهُ فِي بَيْتِهِ غَيْرُ جَائِزٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْجُمْهُورُ الْمُشْتَرِطُونَ لِلْمَسْجِدِ الْعَامِّ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُهُمْ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَصِحُّ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَخْتَصُّ بِمَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ الرَّاتِبَةُ إلَّا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَيَصِحُّ فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِمَسْجِدٍ تُصَلَّى فِيهِ الصَّلَاةُ كُلُّهَا أَيْ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَآخَرُونَ يَخْتَصُّ بِالْجَامِعِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَخْتَصُّ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ وَهُوَ بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ وَلِهَذَا جَعَلَهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَالَ عَطَاءٌ لَا يَعْتَكِفُ إلَّا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ.
[فَائِدَة لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ الصَّوْمُ] ١
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ الصَّوْمُ وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ اعْتَكَفَ لَيْلًا أَيْضًا مَعَ كَوْنِهِ فِيهِ غَيْرَ صَائِمٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ (ثَانِيهِمَا) أَنَّ صَوْمَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إنَّمَا كَانَ لِلشَّهْرِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُسْتَحَقٌّ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلِاعْتِكَافِ ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ وَالْخَطَّابِيُّ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ الصَّوْمُ وَالْمَسْأَلَةُ مُقَرَّرَةٌ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute