للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلِ دَاوُد» رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «إنَّ الْأَشْعَرِيَّ أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد» .

وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا» الْحَدِيثَ زَادَ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِهِ «لَوْ رَأَيْتنِي وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاءَتَك الْبَارِحَةَ» .

ــ

[طرح التثريب]

آلِ دَاوُد» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى.

(فِيهِ) فَوَائِدُ:

(الْأُولَى) قَوْلُهُ «مِنْ مَزَامِيرِ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ» لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد وَالْمُرَادُ بِالْمِزْمَارِ هُنَا الصَّوْتُ الْحَسَنُ وَأَصْلُهُ الْآلَةُ الَّتِي يُزَمَّرُ بِهَا شَبَّهَ حُسْنَ صَوْتِهِ وَحَلَاوَةَ نَغْمَتِهِ بِصَوْتِ الْمِزْمَارِ.

(الثَّانِيَةُ) آلُ دَاوُد هُنَا هُوَ دَاوُد نَفْسُهُ وَآلُ فُلَانٍ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَفْظُ الْآلِ مُقْحَمٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ هُنَا الشَّخْصُ وَدَاوُد هَذَا هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ كَانَ إلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ.

(الثَّالِثَةُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَذَلِكَ يَكُونُ بِالتَّرْتِيلِ وَهُوَ التَّأَنِّي فِي التِّلَاوَةِ وَبِالْحَدْرِ وَالتَّحْزِينِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْحَدْرُ أَنْ يَرْفَعَ الصَّوْتَ مَرَّةً وَيَخْفِضَهُ أُخْرَى وَالتَّحْزِينُ أَنْ يُلَيِّنَ الصَّوْتَ وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ ذِكْرَ الْحَدْرِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الزَّازُ وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ حَدَرَ فِي قِرَاءَتِهِ وَفِي أَذَانِهِ أَسْرَعَ

[فَائِدَة تحسين الصوت بِالْقِرَاءَةِ وَحُكْم الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ] ١

(الرَّابِعَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَقَالَ بِكَرَاهَتِهَا مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا وَنَقَلَ عَنْهُ الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافُ قَوْلٍ وَلَكِنْ مَوْضِعُ الْكَرَاهَةِ أَنْ يُفَرِّطَ فِي الْمَدِّ وَفِي إشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ حَتَّى يَتَوَلَّدَ مِنْ الْفَتْحَةِ أَلِفٌ وَمِنْ الضَّمَّةِ وَاوٌ وَمِنْ الْكَسْرَةِ يَاءٌ أَوْ تُدْغَمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إلَى هَذَا الْحَدِّ فَلَا كَرَاهَةَ وَكَذَا حَمَلَ الْحَنَابِلَةُ نَصَّ إمَامِهِمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ الصَّحِيحُ إنَّهُ إذَا أَفْرَطَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ حَرَامٌ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي فَقَالَ هُوَ حَرَامٌ يَفْسُقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ الْمُسْتَمِعُ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>