للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

يُلْقِيهِ إلَيْهِ فَامْتَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ أَجَابَ إلَيْهِ (فَإِنْ قُلْتَ) يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرْتَهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ مَحْذُورٌ وَهُوَ مُخَالَفَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَلَكِ فِيمَا يَأْتِيهِ بِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى (قُلْت) لَمْ يَتَحَقَّقْ أَوَّلًا أَنَّهُ مَلَكٌ وَلَا أَنَّهُ الْمَأْمُورُ بِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَتَمَامُ الْقِصَّةِ مَعَ خَدِيجَةَ وَوَرَقَةَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

(الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَوْلُهُ «فَغَطَّنِي» بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَعْنَاهُ ضَمَّنِي وَعَصَرَنِي يُقَالُ غَطَّهُ وَغَتَّهُ وَضَغَطَهُ وَعَصَرَهُ وَخَنَقَهُ وَغَمَزَهُ كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَوْلُهُ «حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ» يَجُوزُ فِي الْجِيمِ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ لُغَتَانِ وَهُوَ الْغَايَةُ وَالْمَشَقَّةُ وَيَجُوزُ فِي الدَّالِ النَّصْبُ وَالرَّفْعُ (فَالْأَوَّلُ) عَلَى أَنَّ فَاعِلَ بَلَغَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى جِبْرِيلَ أَيْ بَلَغَ جِبْرِيلُ مِنِّي الْجَهْدَ.

(وَالثَّانِي) عَلَى أَنَّ الْجَهْدَ فَاعِلٌ أَيْ بَلَغَ الْجَهْدُ مِنِّي مَبْلَغَهُ وَغَايَتَهُ.

قَالَ النَّوَوِيُّ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي نَصْبِ الدَّالِ وَرَفْعِهَا صَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ «ثُمَّ أَرْسَلَنِي» أَيْ أَطْلَقَنِي قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي الْغَطِّ شَغْلُهُ عَنْ الِالْتِفَاتِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي أَمْرِهِ بِإِحْضَارِ قَلْبِهِ لِمَا يَقُولُهُ لَهُ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا مُبَالَغَةً فِي التَّنْبِيهِ فَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يَحْتَاطَ فِي تَنْبِيه الْمُتَعَلِّمِ وَأَمْرِهِ بِإِحْضَارِ قَلْبِهِ، وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ كَأَنَّ فِي ذَلِكَ إظْهَارًا لِلشِّدَّةِ وَالْجَدِّ فِي الْأَمْرِ وَأَنْ يَأْخُذَ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَيَتْرُكَ الْأَنَاةَ فَإِنَّهُ أَمْرٌ لَيْسَ بِالْهُوَيْنَى. قَالَ وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي نَوْمِهِ يَكُونُ فِي تِلْكَ الْغَطَّاتِ الثَّلَاثِ مِنْ التَّأْوِيلِ ثَلَاثُ شَدَائِدَ يُبْتَلَى بِهَا أَوَّلًا ثُمَّ يَأْتِي الْفَرْجُ وَالرَّوَحُ، وَكَذَلِكَ كَانَ لَقِيَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ شِدَّةً مِنْ الْجُوعِ فِي شِعْبِ الْخَيْفِ حِينَ تَعَاقَدَتْ قُرَيْشٌ أَنْ لَا يَبِيعُوا مِنْهُمْ وَلَا يَتْرُكُوا مِيرَةً تَصِلُ إلَيْهِمْ وَشِدَّةً أُخْرَى مِنْ الْخَوْفِ وَالْإِيعَادِ بِالْقَتْلِ، وَشِدَّةً أُخْرَى مِنْ الْإِجْلَاءِ عَنْ أَحَبِّ الْأَوْطَانِ إلَيْهِ ثُمَّ كَانَتْ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ انْتَهَى.

وَعَلَى مَا قَدَّمْته فِي الْفَائِدَةِ قَبْلَهَا مِنْ الِاحْتِمَالِ تَكُونُ حِكْمَةُ الْغَطِّ إلْزَامُهُ بِالتَّلَقِّي عَنْهُ وَالْمُتَابَعَةِ لَهُ فِي الْقِرَاءَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَائِدَة لَا يُضْرَبَ الصَّبِيُّ عَلَى الْقُرْآنِ إلَّا ثَلَاثًا] ١

(الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَالَ السُّهَيْلِيُّ: انْتَزَعَ بَعْضُ التَّابِعِينَ وَهُوَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي مِنْ هَذَا أَنْ لَا يُضْرَبَ الصَّبِيُّ عَلَى الْقُرْآنِ إلَّا ثَلَاثًا كَمَا غَطَّ جِبْرِيلُ مُحَمَّدًا - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - ثَلَاثًا.

(الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَالَ الْمُهَلَّبُ فِيهِ مِنْ الْفِقْهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُذَكَّرُ وَيُنَبَّهُ إلَى فِعْلِ الْخَيْرِ بِمَا عَلَيْهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ.

[فَائِدَة أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ] ١

(الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ) فِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>