للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

أَحَدُ الْحُفَّاظِ الَّذِينَ احْتَجَّ بِهِمْ الشَّيْخَانِ، وَمَا عَلِمْت أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَضُرُّهُ تَفَرُّدُهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ كَوْنِهِ ضَعَّفَ أَصْلَ الْحَدِيثِ فَمَا أَدْرِي مَا وَجْهُ ضَعْفِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ رَدَّهُمْ لِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، وَهُوَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ وَهَلْ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ لِأَحَدٍ مَقَالٌ؟ وَصَدَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ إنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ أَصَحُّ أَسَانِيدِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ خُطْبَةِ الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالْحَمْلُ عَلَى التَّنْجِيسِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَتَى دَارَ الْحُكْمُ بَيْنَ كَوْنِهِ تَعَبُّدًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَعْقُولَ الْمَعْنَى فَالْمَعْقُولُ الْمَعْنَى أَوْلَى لِنُدْرَةِ التَّعَبُّدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَحْكَامِ الْمَعْقُولَةِ الْمَعْنَى.

[فَائِدَةٌ إذَا وَقَعَ لُعَابُ الْكَلْب فِي الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلَغَ فِيهِ]

{السَّادِسَةُ} اسْتَدَلَّ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ بِقَوْلِهِ: إذَا وَلَغَ أَوْ إذَا شَرِبَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَتَعَدَّى الْوُلُوغَ، وَالشُّرْبَ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ حُجَّةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، وَهُوَ الْوُلُوغُ فَذَهَبَ قَائِلُ هَذَا إلَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لُعَابُهُ فِي الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلَغَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْهُ وَلَا يَنْجُسُ مَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ غَيْرُ فَمِهِ مِنْ أَعْضَائِهِ كَيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ لَا يَنْجُسُ، وَكَذَا لَوْ بَالَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ تَغَوَّطَ فِيهِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ سَبْعًا.

وَإِنَّمَا يُغْسَلُ مَرَّةً كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ لِتَقْيِيدِ الْأَمْرِ بِالْوُلُوغِ أَوْ الشُّرْبِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي غَيْرِ لُعَابِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُغْسَلُ مِنْهُ مَرَّةً، وَإِنْ كَانَ بَوْلًا أَوْ عَذِرَةً أَوْ دَمًا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ شَاذٌّ وَلَكِنَّهُ عَبَّرَ عَنْ اللُّعَابِ بِالْوُلُوغِ فَاقْتَضَى أَنَّ تَنَاثُرَ لُعَابِهِ يَكْفِي فِيهِ الْغُسْلُ مَرَّةً عِنْدَ صَاحِبِ هَذَا الْوَجْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ مُتَّجَهٌ قَوِيٌّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ سَبْعًا مِنْ الْوُلُوغِ إنَّمَا كَانَ لِتَنْفِيرِهِمْ عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْكِلَابِ انْتَهَى.

وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ وُجُوبُ التَّسْبِيعِ فِي سَائِرِ أَجْزَاءِ الْكَلْبِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْوُلُوغِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ فِيمَا تُصِيبُهُ الْكِلَابُ مِنْ الْأَوَانِي، فَإِنَّهَا إنَّمَا تَقْصِدُ الْأَكْلَ، وَالشُّرْبَ مِنْ الْأَوَانِي فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا مَخْرَجَ الشَّرْطِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَجَمِيعُ أَعْضَاءِ الْكَلْبِ يَدُهُ أَوْ ذَنَبُهُ أَوْ رِجْلُهُ أَوْ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ إذَا وَقَعَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>