. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: ٩٣] إنَّ صِيغَةَ أَفْعَلَ لِلتَّكْذِيبِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِنَفْيِ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهَا.
[فَائِدَة الْقَائِلُونَ اتَّخَذَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَلَدًا] ١
(الثَّالِثَةُ) وَالْقَائِلُونً اتَّخَذَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَلَدًا هُمْ مَنْ قَالَ مِنْ الْيَهُودِ بِأَنَّ عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ مِنْ النَّصَارَى بِأَنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ مِنْ الْعَرَبِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ.
[فَائِدَة بحث فِي مَعْنَى الصَّمَد] ١
(الرَّابِعَةُ) قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ الْعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُؤْدُدُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ الْمُفَسِّرُ: الصَّمَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ السَّيِّدُ الَّذِي يُصْمَدُ إلَيْهِ فِي الْأُمُورِ وَيَسْتَقِلُّ بِهَا وَأَنْشَدَ
أَلَا بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أَسَدْ ... بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
وَبِهَذَا تَتَفَسَّرُ هَذِهِ الْآيَةُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ هُوَ مُوجِدُ الْمَوْجُودَاتِ، وَإِلَيْهِ يُصْمَدُ وَبِهِ قِوَامُهَا، وَلَا غِنَى بِنَفْسِهِ إلَّا هُوَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ الصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ كَأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمُصْمَتِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَفِي هَذَا التَّفْسِيرِ كُلِّهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجِسْمَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ الصَّمَدُ فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ صَمَدَ إلَيْهِ إذَا قَصَدَهُ؛ وَهُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ قَالَ: وَقَوْلُهُ «لَمْ أَلِدْ» لِأَنَّهُ لَا يُجَانَسُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ صَاحِبَةٌ فَيَتَوَالَدَا وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: ١٠١] وَقَوْلُهُ {وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣] ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ مُحْدَثٌ وَجِسْمٌ، وَهُوَ قَدِيمٌ لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ وَلَيْسَ بِجِسْمٍ (وَلَمْ يُكَافِئْهُ أَحَدٌ) أَيْ لَمْ يُمَاثِلْهُ وَلَمْ يُشَاكِلْهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ نَفْيًا لِلصَّاحِبَةِ وَالْكَلَامُ إنَّمَا سِيقَ لِنَفْيِ الْمُكَافَأَةِ عَنْ ذَاتِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى مَصَبُّهُ وَمَرْكَزُهُ هَذَا الطَّرَفُ، فَلِذَلِكَ قُدِّمَ وَقُرِئَ كُفُؤًا بِضَمِّ الْكَافِ وَالْفَاءِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْأَكْثَرِينَ، وَقَرَأَ حَفْصٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ فِي الْوَصْلِ فَإِذَا وَقَفَ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ وَاوًا مَفْتُوحَةً اتِّبَاعًا لِلْخَطِّ، وَالْقِيَاسُ أَنْ تُلْقَى حَرَكَتُهَا عَلَى الْفَاءِ وَقُرِئَ فِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute