. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
قَوْلَيْنِ وَهَذَا الْقَوْلُ الرَّابِعُ قَالَ بِهِ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ أَقْوَى الْأَقْوَالِ دَلِيلًا.
قَالَ: وَكَذَا يَقُولُ الْمُزَنِيّ كُلُّ صَلَاةٍ أُمِرَ بِفِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَوْلًا سَادِسًا أَنَّهُ يُومِئُ إلَى التَّيَمُّمِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:
وَاَلَّذِي أَقُولُ أَنَّهُ إنَّمَا يُومِئُ إلَى الْمَاءِ لَا إلَى التَّيَمُّمِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا يُمْكِنُ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِيهَا فَإِنَّ أَحَدَ الْأَقْوَالِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ، وَالْآخَرُ تَحْرِيمُهَا، وَقِيَاسُ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ تَرَجُّحُ فِعْلِهَا وَحَمَلَ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى الْمُتَمَكِّنِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَأَخْرَجُوا الْعَاجِزَ عَنْ دَلَالَةِ الْحَدِيثِ، وَاسْتَدَلُّوا لِوُجُوبِهَا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَالْمُكَلَّفُ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الطَّهَارَةِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ] ١
(الْخَامِسَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْخَطَّابِيُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَحَلَّ فِيهِ الْكَلَامَ» وَقَالَ الشَّيْخُ فَتْحُ الدِّينِ الْعُمَرِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ الْمُشَبَّهُ لَا يَقْوَى قُوَّةَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الطَّوَافُ صَلَاةٌ» أَيْ يُشْبِهُ الصَّلَاةَ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِجَوَازِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كُلُّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ وَيُرَدُّ عَلَى الْخَطَّابِيِّ إبَاحَةُ الْكَلَامِ فِيهِ وَالْمَشْيِ، وَلَيْسَا مِمَّا يُبَاحُ فِي الصَّلَاةِ انْتَهَى كَلَامُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فِي مَوَاضِعَ:
(أَحَدُهَا) فِي قَوْلِهِ: إنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الطَّوَافُ صَلَاةٌ» أَيْ يُشْبِهُ الصَّلَاةَ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ صَلَاةٌ حَقِيقَةٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ وَهِيَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَيَكُونُ لَفْظُ الصَّلَاةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ وَالطَّوَافِ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا.
(ثَانِيهَا) فِي قَوْلِهِ: وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِجَوَازِ الْكَلَامِ فِيهِ فَيَقُولُ قَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ صَلَاةٌ فَثَبَتَ لَهُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ.
(ثَالِثُهَا) فِي قَوْلِهِ وَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كُلُّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ فَنَقُولُ: هَذَا قِيَاسٌ مُعَارِضٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَأَيْضًا فَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا تُصَحِّحُ الْقِيَاسَ ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى شَيْءٍ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute