. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لَكِنْ بَقِيَّةُ أَلْفَاظِ الصَّحِيحَيْنِ مُتَعَيِّنَةٌ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ كَقَوْلِهَا «يُدْنِي إلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ» فَإِنْ حَمَلْت الْأُولَى عَلَى بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ وَفَسَّرْت بِهَا فَتَسْرِيحُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ بِالْقِيَاسِ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ، لَكِنْ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكِلُ تَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ إلَى أَحَدٍ وَإِنَّمَا كَانَ يَتَعَاطَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ شَعْرِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ يَعْسُرُ مُبَاشَرَةُ تَسْرِيحِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي مُؤَخَّرِهِ فَلِهَذَا كَانَ يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِزَوْجَاتِهِ» .
(الْخَامِسَةُ) وَفِيهِ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِتَسْرِيحِ الشَّعْرِ لَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ، وَفِي مَعْنَاهُ حَلْقُ الرَّأْسِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَتَنْظِيفُ الْبَدَنِ مِنْ الشَّعَثِ وَالدَّرَنِ انْتَهَى وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ فِعْلِ سَائِرِ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَكَلَامِ الدُّنْيَا وَعَمَلِ الصَّنْعَةِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَغَيْرِهَا وَبِهَذَا صَرَّحَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ، وَعَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ فِي مَجَالِسِ الْعِلْمِ وَلَا يَكْتُبُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ وَكِتَابَتِهِ أَهَمُّ مِنْ تَسْرِيحِ الشَّعْرِ.
[فَائِدَة مُمَاسَّةَ الْمُعْتَكِفِ لِلنِّسَاءِ وَمُمَاسَّتَهُنَّ لَهُ] ١
(السَّادِسَةُ) وَفِيهِ أَنَّ مُمَاسَّةَ الْمُعْتَكِفِ لِلنِّسَاءٍ وَمُمَاسَّتَهُنَّ لَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا يُنَافِي اعْتِكَافَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ فَهُوَ حَرَامٌ وَهَلْ يَبْطُلُ بِهِ الِاعْتِكَافُ؟ يُنْظَرُ فَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ إنْزَالٌ أَبْطَلَ الِاعْتِكَافَ وَإِلَّا فَلَا، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ مَالِكٌ يَبْطُلُ بِهِ الِاعْتِكَافُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَأَمَّا الْجِمَاعُ فِي الِاعْتِكَافِ فَهُوَ حَرَامٌ مُفْسِدٌ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ التَّعَمُّدِ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ يُفْسِدُ.
[فَائِدَة الْيَدَيْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ] ١
(السَّابِعَةُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ أَنَّ الْيَدَيْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ وَلَوْ كَانَتَا عَوْرَةً مَا بَاشَرَتْهُ بِهِمَا فِي اعْتِكَافِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَكِفَ مَنْهِيٌّ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] وَاعْتَرَضَهُ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ، فَقَالَ: إنْ كَانَتْ الْمُبَاشَرَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا تَخْتَصُّ بِالْعَوْرَةِ؛ فَلَوْ قَبَّلَ الْمُعْتَكِفُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ آتِيًا لِمَا نُهِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَهُوَ لَا يَقُولُ بِهِ فَإِنَّ مَذْهَبَ إمَامِهِ أَنَّ الْقُبْلَةَ مُبْطِلَةٌ لِلِاعْتِكَافِ أَمَّا مَنْ يَحْمِلُ الْمُبَاشَرَةَ عَلَى الْجِمَاعِ فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّهُ غَيْرُ مُبْطِلٍ إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute