للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

عَلَى الشَّيْءِ وَالْإِصْرَارِ عَلَيْهِ يُقَالُ لَجِجْت فِي الْأَمْرِ بِكَسْرِ الْجِيم الْأُولَى أَلَجُّ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَلَجَجْت بِفَتْحِ الْجِيمِ أَلِجُّ بِكَسْرِ اللَّامِ لَجَجًا وَلَجَاجًا وَلَجَاجَةً ذَكَرَهُ فِي الْمُحْكَمِ، وَقَوْلُهُ فِي أَهْلِهِ يُرِيدُ أَنَّ تِلْكَ الْيَمِينِ تَتَعَلَّقُ بِأَهْلِهِ، وَيَتَضَرَّرُونَ بِعَدَمِ حِنْثِهِ فِيهَا، وَقَوْلُهُ (آثَمُ) بِالْمَدِّ أَوَّلَهُ أَيْ أَكْثَرَ إثْمًا أَوْ أَقْرَبَ إلَى الْإِثْمِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ تَمَادِيَ الْحَالِفِ عَلَى يَمِينِهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْحِنْثِ مَعَ تَضَرُّرِ أَهْلِهِ بِبَقَائِهِ عَلَيْهَا شَرٌّ مِنْ حِنْثِهِ مَعَ قِيَامِهِ بِالْكَفَّارَةِ فَإِنَّ هَذَا فِيهِ ضَرَرٌ، وَذَلِكَ لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَجَاءَ قَوْلُهُ آثَمُ عَلَى لَفْظِ الْمُفَاعَلَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْإِثْمِ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُقَابَلَةَ اللَّفْظِ عَلَى زَعْمِ الْحَالِفِ وَتَوَهُّمِهِ فَإِنَّهُ يَتَوَهَّمُ أَنَّ عَلَيْهِ إثْمًا فِي الْحِنْثِ مَعَ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْإِثْمُ عَلَيْهِ فِي اللَّجَاجِ أَكْثَرُ لَوْ ثَبَتَ الْإِثْمُ، وَحَكَى صَاحِبُ النِّهَايَةِ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ قَوْلًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ فِي يَمِينِهِ مُصِيبٌ فَيَلَجُّ فِيهَا، وَلَا يُكَفِّرُهَا، وَالْمَشْهُورُ فِي مَعْنَاهُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة الْحِنْثَ فِي الْيَمِينِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِقَامَةِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ] ١

(الثَّالِثَةُ) فِيهِ أَنَّ الْحِنْثَ فِي الْيَمِينِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِقَامَةِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ فِعْلًا وَتَرْكًا؛ وَلَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ حَرَامٍ فَيَمِينُهُ طَاعَةٌ وَالْإِقَامَةُ عَلَيْهَا وَاجِبَةٌ، وَالْحِنْثُ مَعْصِيَةٌ، وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ فَيَمِينُهُ مَعْصِيَةٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْلٍ كَصَلَاةِ تَطَوُّعٍ، وَصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ فَالْإِقَامَةُ عَلَيْهَا طَاعَةٌ، وَالْمُخَالَفَةُ مَكْرُوهَةٌ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ نَفْلٍ فَالْيَمِينُ مَكْرُوهَةٌ، وَالْإِقَامَةُ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَحْنَثَ، وَعَدَّ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَيِّبًا، وَلَا يَلْبَسُ نَاعِمًا، وَقَالَ الْيَمِينُ عَلَيْهِ مَكْرُوهَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢] ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّهَا يَمِينُ طَاعَةٍ لِمَا عُرِفَ مِنْ اخْتِيَارِ السَّلَفِ خُشُونَةَ الْعَيْشِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَقُصُودِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ لِلْعِبَادَةِ وَاشْتِغَالِهِمْ بِالضِّيقِ وَالسَّعَةِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، وَهَذَا أَصْوَبُ.

[فَائِدَة حَلَفَ عَلَى مُبَاحٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مُبَاحٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِثْلُ هَذَا الْغَرَضِ كَدُخُولِ دَارٍ وَأَكْلِ طَعَامٍ، وَلِبْسِ ثَوْبٍ، وَتَرَكَهَا فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْيَمِينِ، وَلَهُ أَنْ يَحْنَثَ، وَهَلْ الْأَفْضَلُ الْوَفَاءُ بِالْيَمِينِ أَمْ الْحِنْثُ أَمْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>