للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» .

ــ

[طرح التثريب]

يُتَبَرَّكُ بِدُعَائِهِ وَتُرْجَى إجَابَتُهُ إذَا دَعَا اللَّهَ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ السَّاعُونَ فِي مَصَالِحِ الْخَلْقِ بِسُؤَالِهِمْ لِمَنْ عَلِمُوا اسْتِحْقَاقَهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ حَقٌّ فَيُعْطِيهِمْ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ بِوُثُوقِهِمْ بِصَلَاحِهِمْ. قَالَ وَالِدِي وَحَيْثُ جَازَ السُّؤَالُ فَيُجْتَنَبُ فِيهِ الْإِلْحَافُ وَالسُّؤَالُ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ»

قَالَ وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي إعْطَاؤُهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ مُمْتَنِعًا، لِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَلْعُونٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللَّهِ وَمَلْعُونٌ مِنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللَّهِ فَمَنَعَ سَائِلَهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ هَجْرًا»

[حَدِيث الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ]

{الْحَدِيثُ الْخَامِسُ} وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» . {فِيهِ} فَوَائِدُ: {الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

{الثَّانِيَةُ} الْعَرَضُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَتَاعُ الدُّنْيَا وَحُطَامُهَا مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِزَوَالِهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} [الأنفال: ٦٧] وَفِي الْحَدِيثِ «الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ» أَمَّا الْعَرْضُ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ فَهُوَ مَا عَدَا النَّقْدَ وَالنَّقْدُ هُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَالْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَرْضُ الْمَتَاعُ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا يَكُونُ حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا.

{الثَّالِثَةُ} عَنْ هُنَا يَحْتَمِلُ مَعْنَاهَا أَوْجُهًا:

(أَحَدُهَا) أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: ٥٣] وقَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: ١١٤] أَيْ لَيْسَ عِلِّيَّةُ الْغِنَى وَسَبَبُهُ كَثْرَةَ الْعَرَضِ (ثَانِيهَا) أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>