للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِي النَّشْأَةِ أَحْوَالًا وَلَا تَرَدَّدَ فِي الْأَرْحَامِ أَطْوَارًا كَذُرِّيَّتِهِ يُخْلَقُ أَحَدَهُمْ صَغِيرًا فَيَكْبُرُ وَضَعِيفًا فَيَقْوَى وَيَشْتَدُّ بَلْ خَلَقَهُ رَجُلًا كَامِلًا سَوِيًّا قَوِيًّا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارَ عَنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ يَوْمَ خَلَقَهُ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بِالْأَرْضِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْجَنَّةِ عَلَى صُورَةٍ أُخْرَى وَلَا اخْتَلَفَتْ صِفَاتُهُ وَلَا صُورَتُهُ كَمَا تَخْتَلِفُ صُوَرُ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَمِمَّا يُؤَكِّدُ عَوْدَ الضَّمِير عَلَى آدَمَ تَعْقِيبُهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا وَمَنْ قَالَ مِنْ الْمُشَبِّهَةِ إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُمْ مِنْ التَّشْبِيهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الَّذِينَ يُؤَوِّلُونَ مِثْلَ هَذَا إمَّا عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ هُنَا لِلتَّشْرِيفِ وَالِاخْتِصَاصِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {نَاقَةَ اللَّهِ} [الشمس: ١٣] وَكَمَا يُقَالُ فِي الْكَعْبَةِ (بَيْتُ اللَّهِ) : وَنَحْوُ ذَلِكَ وَإِمَّا عَلَى مَعْنَى أَنَّ الصُّورَةَ بِمَعْنَى الصِّفَةِ أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَرْضَاهَا وَهِيَ الْعِلْمُ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ عَلَى الْإِمْسَاكِ عَنْ تَأْوِيلِ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَالْإِيمَانِ بِأَنَّهَا حَقٌّ وَأَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ وَلَهَا مَعَانٍ تَلِيقُ بِهَا فَوُكِّلَ عِلْمُهَا إلَى عَالِمِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ اتِّقَاءِ الْوَجْهِ فِي الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ.

(الثَّالِثَةُ) : قَوْلُهُ «طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا:» قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ مِنْ ذِرَاعِ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الذِّرَاعُ مُقَدَّرًا بِأَذْرِعَتِنَا الْمُتَعَارَفَةِ عِنْدَنَا. .

[فَائِدَة حُكْم السَّلَامِ] ١

(الرَّابِعَةُ) : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَأَكُّدِ حُكْمِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ مِمَّا شُرِعَ وَكُلِّفَ بِهِ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ لَمْ يُنْسَخْ فِي شَرِيعَةٍ مِنْ الشَّرَائِعِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهَا تَحِيَّتُهُ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ شَرْعًا مَعْمُولًا بِهِ فِي الْأُمَمِ عَلَى اخْتِلَافِ شَرَائِعِهَا إلَى أَنْ انْتَهَى.

ذَلِكَ إلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِهِ وَبِإِفْشَائِهِ وَجَعَلَهُ سَبَبًا لِلْمَحَبَّةِ الدِّينِيَّةِ وَلِدُخُولِ الْجَنَّةِ الْعَلِيَّةِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا كُلُّهُ يَشْهَدُ لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ.

١ -

(الْخَامِسَةُ) : قَوْلُهُ «فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَك:» بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ التَّحِيَّةِ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ وَيُرْوَى «يُجِيبُونَك» مِنْ الْجَوَابِ.

(السَّادِسَةُ) : فِيهِ سَلَامُ الْوَارِدِ عَلَى الْجَالِسِ وَالْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.

(السَّابِعَةُ) : فِيهِ أَنَّ كَيْفِيَّةَ السَّلَامِ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَّمَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَذَا اللَّفْظَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى «فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>