. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالْكَلْبِيُّ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْمُخَنَّثُ (هِيتٌ) : وَكَانَ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ لِأَبِيهَا وَفِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِثَمَانٍ مَعَ ثَغْرٍ كَالْأُقْحُوَانِ إنْ جَلَسَتْ تَثَنَّتْ، وَإِنْ تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ بَيْنَ رِجْلَيْهَا كَالْإِنَاءِ الْمَكْفُو، وَهِيَ كَمَا قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ
تَعْتَرِفُ الطَّرْفَ وَهِيَ لَاهِيَةٌ ... كَأَنَّمَا شَفَّ وَجْهَهَا شَرَفُ
بَيْنَ شُكُولِ النِّسَاءِ خِلْقَتُهَا ... قَصْدًا فَلَا عَبْلَةُ وَلَا نِصْفُ
تَنَامُ عَنْ كِبَرِ شَأْنِهَا فَإِذَا ... قَامَتْ رُوَيْدًا تَكَادُ تَنْقَصِفُ
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَدْ غَلَّظْت النَّظَرَ إلَيْهَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ ثُمَّ أَجَلَاهُ عَنْ الْمَدِينَةِ إلَى الْحِمَى» قَالَ فَلَمَّا فُتِحَتْ الطَّائِفُ تَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَوَلَدَتْ لَهُ فِي قَوْلِ الْكَلْبِيِّ، وَلَمْ يَزَلْ (هِيتٌ) : بِذَلِكَ الْمَكَانِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ كُلِّمَ فِيهِ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ كُلِّمَ فِيهِ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ ثُمَّ كُلِّمَ فِيهِ بَعْدُ وَقِيلَ إنَّهُ قَدْ كَبُرَ وَضَعُفَ وَضَاعَ فَأُذِنَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ كُلَّ جُمُعَةٍ فَيَسْأَلَ وَيَرْجِعَ إلَى مَكَانِهِ.
[فَائِدَة الدُّخُول عَلَى النِّسَاءِ] ١
(الثَّامِنَةُ) : قَوْلُهُ «لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ هَذَا:» كَذَا رُوِّينَاهُ بِلَفْظِ الْغَيْبَةِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ الشَّدِيدَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ «هَذَا:» فَاعِلًا وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْخِطَابِ لَهُنَّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ هَذَا مَفْعُولًا وَيَدُلُّ لِلرِّوَايَةِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «لَا يَدْخُلُ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ» ، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى جَمِيعِ الْمُخَنَّثِينَ لَمَّا رَأَى مِنْ وَصْفِهِمْ النِّسَاءَ وَمَعْرِفَتِهِمْ مَا يَعْرِفُهُ الرِّجَالُ مِنْهُنَّ فَكَانَ هَذَا سَبَبًا لِوُرُودِ هَذَا الْأَمْرِ ثُمَّ إنَّهُ عَمَّمَ الْحُكْمَ فِي كُلِّ مَنْ وَصْفُهُ كَوَصْفِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(التَّاسِعَةُ) : تَقَدَّمَ فِي الْفَائِدَةِ السَّابِعَةِ زِيَادَةٌ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ وَهِيَ نَفْيُهُ إلَى الْحِمَى وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَرَّبَ هِيتًا: وَمَاتِعًا: إلَى الْحِمَى» ، ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَذَكَرَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَارُودِيُّ نَحْوَ الْحِكَايَةِ عَنْ «مُخَنَّثٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَنَّةَ: وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَاهُ إلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ» حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَقَالَا وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ (هِيتٌ) : قَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي عِيَاضٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِخْرَاجُهُ وَنَفْيُهُ كَانَ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ:
(أَحَدُهَا) : الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ وَكَانَ مِنْهُمْ وَيَتَكَتَّمُ ذَلِكَ (وَالثَّانِي) : وَصْفُهُ النِّسَاءَ وَمَحَاسِنَهُنَّ وَعَوْرَاتِهِنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ وَقَدْ نُهِيَ أَنْ تَصِفَ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا فَكَيْفَ إذَا وَصَفَهَا الرَّجُلُ لِلرِّجَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute