للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْت أَبْكِي وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاَلَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِاَلَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ لَهُمْ مِنْ الْوُدِّ، فَقَالَ

ــ

[طرح التثريب]

اسْتَجَابَ بِمَعْنَى أَجَابَ وَهُوَ كَثِيرٌ.

[فَائِدَة مُشَاوِرَةُ الْإِنْسَانِ بِطَانَتَهُ فِيمَا يَنْوِيهِ مِنْ الْأُمُورِ]

(الثَّامِنَةَ وَالثَّلَاثُونَ) : قَوْلُهَا «يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ:» فِيهِ مُشَاوَرَةُ الْإِنْسَانِ بِطَانَتَهُ وَأَهْلَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ فِيمَا يَنْوِيهِ مِنْ الْأُمُورِ.

[فَائِدَة قَوْل الْإِنْسَانِ فِي التَّعْدِيلِ لَا أَعْلَمُ عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا] ١

(التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ) : قَوْلُ أُسَامَةَ «هُمْ أَهْلُك:» أَيْ الْعَفَائِفُ اللَّائِقَاتُ بِك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} [النور: ٢٦] وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ الْإِشَارَةِ وَوَكَّلَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ «فَأَشَارَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاَلَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ» إلَى آخِرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَشَارَ وَبَرَّأَهَا بِكَلَامِهِ هَذَا.

وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْك وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ:» فَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي حَقِّ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ رَآهَا مَصْلَحَةً وَنَصِيحَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اعْتِقَادِهِ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى انْزِعَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذَا الْأَمْرِ وَقَلَقَهُ فَأَرَادَ إرَاحَةَ خَاطِرَهُ وَكَانَ ذَلِكَ أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهِ وَاسْتَأْنَسَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ لِقَوْلِ الْإِنْسَانِ فِي التَّعْدِيلِ لَا أَعْلَمُ عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا. .

[فَائِدَة شَهَادَة النِّسَاءِ] ١

(الْفَائِدَةُ الْأَرْبَعُونَ) : قَوْلُ عَلِيٍّ «وَإِنْ تَسْأَلْ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْك:» أَيْ بَرِيرَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرِيرَةَ:» وَهِيَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتٍ ثُمَّ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَقَوْلُهَا «وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنْ رَأَيْت عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ» مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا تَسْأَلُونَ عَنْهُ أَصْلًا وَلَا فِيهَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا نَوْمُهَا عَنْ الْعَجِينِ وَقَوْلُهَا «أَغْمِصُهُ:» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَعِيبُهَا بِهِ مِنْ الْغَمَصُ وَهُوَ الْعَيْبُ وَ «الدَّاجِنُ:» بِكَسْرِ الْجِيمِ الشَّاةُ الَّتِي تَأْلَفُ الْبَيْتَ وَلَا تَخْرُجُ إلَى الْمَرْعَى وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ صَحِيحِهِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بَابَ تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>