. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
يَكُونُ مَنْدُوبًا وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا بَلْ قَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا أَيْضًا وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا بِحَسَبِ الْمُنَبَّهِ عَلَيْهِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا حُكْمُ التَّنْبِيهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ حُكْمِ الْمُنَبَّهِ عَلَيْهِ وَمُنْقَسِمٌ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ.
الثَّانِيَةُ الْكَيْفِيَّةُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّنْبِيهُ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا الْأَصْحَابُ وَقَالُوا إنَّ السُّنَّةَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ التَّسْبِيحُ وَفِي حَقِّ الْمَرْأَةِ التَّصْفِيقَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ خَالَفَ الرَّجُلُ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّهِ وَصَفَّقَ فِي صَلَاتِهِ] ١
(الْخَامِسَةُ) لَوْ خَالَفَ الرَّجُلُ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّهِ وَصَفَّقَ فِي صَلَاتِهِ لِأَمْرٍ يَنُوبُهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ «الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - صَفَّقُوا فِي الصَّلَاةِ فِي قَضِيَّةِ إمَامَةِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِعَادَةِ» وَقَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ خِلَافٌ لِأَصْحَابِنَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ قَالَ وَالِدِي هَكَذَا أَطْلَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ تَصْحِيحَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِالْقَلِيلِ أَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَتَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ.
(فَإِنْ قِيلَ) فَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ «مَا لَكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيقَ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ مَعَ كَثْرَةِ التَّصْفِيقِ» .
(فَالْجَوَابُ) عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ امْتِنَاعَ ذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَانَ حِينَئِذٍ مُمْتَنِعًا وَإِنَّمَا عُرِفَ امْتِنَاعُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِإِكْثَارِ التَّصْفِيقِ مِنْ مَجْمُوعِهِمْ لَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْهُ وَحَكَى الْفِرْكَاحُ فِي التَّعْلِيقَةِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَجْهًا أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ سَهْوًا وَطَالَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ انْتَهَى.
وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ تَصْفِيقُهُ عَلَى وَجْهِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ فَإِنْ فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَطْعًا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَالرَّجُلُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَفِّقَ بِيَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ فَإِنْ فَعَلَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالنَّهْيِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى.
وَالْقَوْلُ بِهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ مَرْدُودٌ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ نَهْيُ الرَّجُلِ عَنْ التَّصْفِيقِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا فِيهِ اسْتِفْهَامُهُمْ عَنْ إكْثَارِ التَّصْفِيقِ عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ لِذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَشْرُوعِ لِلرِّجَالِ خِلَافَهُ وَهُوَ التَّسْبِيحُ فَكَيْفَ يَهْجُمُ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى الْقَوْلِ بِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ وَكَيْفَ يَصِحُّ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا مَعَ كَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ فَإِنْ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا ثُمَّ صَارَ حَرَامًا بِهَذَا الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute