للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الرَّائِحَةُ، وَالطَّعْمُ، وَاللَّوْنُ هَلْ هِيَ مُتَغَيِّرَةٌ أَمْ لَا، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَالْعِلَّةُ الْمَنْصُوصَةُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ لَهُ الْخَطَّابِيُّ مَعْنًى آخَرَ فَقَالَ وَتَرَى أَنَّ مُعْظَمَ مَا جَاءَ مِنْ الْحَثِّ، وَالتَّحْرِيضِ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ فِي الْوُضُوءِ إنَّمَا جَاءَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعُونَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَتَنْقِيَةِ مَجْرَى النَّفْسِ الَّتِي تَكُونُ بِهِ التِّلَاوَةُ وَبِإِزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ التَّفْلِ تَصِحُّ مَخَارِجُ الْحُرُوفِ.

(السَّادِسَةُ) مَبِيتُ الشَّيْطَانِ عَلَى الْخَيْشُومِ هَلْ هُوَ لِعُمُومِ النَّائِمِينَ أَوْ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا يَحْتَرِسُ بِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فِي مَنَامِهِ كَقِرَاءَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ النَّوْمِ لَا يَقْرَبُهُ شَيْطَانٌ، وَأَيُّ قُرْبٍ أَقْرَبُ مِنْ مَبِيتِهِ عَلَى خَيَاشِيمِهِ؟ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَقْرَبْهُ أَيْ لَمْ يَقْرَبْ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِيهِ، وَهُوَ الْقَلْبُ، وَإِنْ بَاتَ عَلَى الْخَيْشُومِ فَيَكُونُ مَحْفُوظًا مِنْهُ مَعَ الْقُرْبِ مِنْ الْبَدَنِ لَهُ دُونَ الْقَلْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(السَّابِعَةُ) قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الِاسْتِنْشَاقِ لَا تَحْصُلُ بِإِيصَالٍ الْمَاءِ إلَى الْخَيْشُومِ بَلْ بِالِانْتِثَارِ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ الِاسْتِنْشَاقِ وَبِهِ يُشْعِرُ بَعْضُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا كَاشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ مَجَّ الْمَاءِ مِنْ الْفَمِ فِي حُصُولِ الْمَضْمَضَةِ، وَإِنْ كَانَ الرَّافِعِيُّ قَدْ جَزَمَ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْأَنْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ هَلْ يُفَرَّق فِي الِاسْتِنْشَاقِ بَيْنَ الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ]

(الثَّامِنَةُ) لَمْ يُفَرِّقْ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الِاسْتِنْشَاقِ بَيْنَ الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَوْ بَالَغَ فَوَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُشْرَعْ لَهُ الْمُبَالَغَةُ بِخِلَافِ مَا وَصَلَ مَعَ عَدَمِ الْمُبَالَغَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ هَلْ الْمُرَادُ مِنْ الِانْتِثَارِ نَثْرُ الْمَاءِ بِالْيَدِ أَوْ نَثْرُهُ بِرِيحِ الْأَنْفِ] ١

(التَّاسِعَةُ) هَلْ الْمُرَادُ مِنْ الِانْتِثَارِ نَثْرُ الْمَاءِ بِالْيَدِ أَوْ نَثْرُهُ بِرِيحِ الْأَنْفِ؟ فَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ أَنَّ الِانْتِثَارَ دَفْعُ الْمَاءِ بِرِيحِ الْأَنْفِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: الِاسْتِنْثَارُ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَيَسْتَنْثِرَ قِيلَ لِمَالِكٍ أَيَسْتَنْثِرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ؟ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْحِمَارُ.

(الْعَاشِرَةُ) إذَا قُلْنَا يَسْتَنْثِرُ بِيَدِهِ فَهَلْ يُبَاشِرُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِنْشَاقُ قَبْلَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ بِشِمَالِهِ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الِاسْتِنْثَارَ يَكُونُ بِشِمَالِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الْوَسَخِ الَّذِي فِي الْأَنْفِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ فَقَالَ بِأَيِّ الْيَدَيْنِ يَسْتَنْثِرُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>