- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ؟ قَالَتْ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي فَلَا يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فَخِذِي فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْت عَلَيْهِ فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ» ..
ــ
[طرح التثريب]
وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةِ الْمَالِكِيَّةِ.
قَالَ: وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ إلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ: وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَصْبَحَ وَهُمْ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُمْ صَلَّوْا قَالَ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا إعَادَةً.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أُخَرُ وَهِيَ أَقْوَالٌ لِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا أَصَحُّهَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَوُجُوبُ الْإِعَادَةِ إذَا قَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا مِمَّا يُسْقِطُ عَنْهُ الْقَضَاءَ، وَالثَّانِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الْوَقْتِ وَلَكِنْ تُسْتَحَبُّ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ سَوَاءٌ صَلَّى أَوْ لَمْ يُصَلِّ، وَالثَّالِثُ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ، وَالرَّابِعُ تَجِبُ الصَّلَاةُ وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيّ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَهُوَ الْقِيَاسُ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ أَقْوَى الْأَقْوَالِ دَلِيلًا قَالَ وَيُعَضِّدُهُ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُمْ صَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ قَبْلَ نُزُولِ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ أَمَرَهُمْ بِالْإِعَادَةِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ قَالَ وَلِلْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ أَنْ يُجِيبُوا بِأَنَّ الْإِعَادَةَ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ.
[فَائِدَةٌ الْجُنُبَ لَا يَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ]
(الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ) اُسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ وَكَذَلِكَ فِي آيَةِ النِّسَاءِ {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣] وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَحُكِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ فَلَمْ يَرَوْا الْجُنُبَ دَاخِلًا فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ التَّأْوِيلِ فِي الْآيَةِ لَوْلَا مَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَأَبِي ذَرٍّ قَالَ: وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِقَوْلِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ، وَحَمَلَةُ الْآثَارِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقِيلَ إنَّ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ قَالَ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَمَنْ قَبْلَهُمْ عَلَى جَوَازِهِ لِلْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الْخَلَفِ.
(قُلْت) : وَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَلَا وَاضِحٍ؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذَكَرَ غَسْلَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَيْضًا ثُمَّ ذَكَرَ طَهَارَةَ الْجُنُبِ ثُمَّ قَالَ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: ٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute