للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى إلَّا بِمَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ، وَقِيلَ يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، وَقِيلَ إنْ وَرَدَ الْفِعْلُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُوهِمْ نَقْصًا، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ.

[فَائِدَة الْحَلِفِ بِجَمِيعِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى] ١

(الثَّامِنَةُ) فِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ بِجَمِيعِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرُهَا لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا أَسْمَاؤُهُ، وَانْدِرَاجِهَا فِي قَوْلِهِ فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ هَذَا اللَّفْظَ بِخُصُوصِهِ بَلْ كُلُّ مَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ تَعَالَى مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَوْرَدَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَكَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ حَزْمٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ أَنَّ الْحَلِفَ بِأَيِّ اسْمٍ كَانَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ صَرِيحٌ، وَمُقَابِلُهُ وَجْهٌ غَرِيبٌ حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَسْمَاءِ صَرِيحٌ فِي الْحَلِفِ إلَّا (اللَّهَ) ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ انْقِسَامُ الْأَسْمَاءِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، وَكَذَا قَالَ الْحَنَابِلَةُ:

(أَحَدُهَا) مَا يَخْتَصُّ بِهِ تَعَالَى، وَلَا يُطْلَق فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَنَحْوِهَا فَتَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ، وَلَوْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى (ثَانِيهَا) مَا يُطْلَق عَلَيْهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ لَكِنَّ الْغَالِبَ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ بِقَيْدٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِضَرْبٍ مِنْ التَّقْيِيدِ كَالْجَبَّارِ، وَالْحَقِّ، وَالرَّبِّ، وَنَحْوِهَا فَالْحَلِفُ بِهِ يَمِينٌ، وَلَوْ أُطْلِقَ فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ بِيَمِينٍ (ثَالِثُهَا) مَا يُطْلَقُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَا يَغْلِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَالْحَيِّ، وَالْمَوْجُودِ، وَالْمُؤْمِنِ، وَنَحْوِهَا فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أُطْلِقَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَإِنْ نَوَى اللَّهَ تَعَالَى فَوَجْهَانِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يَمِينٌ، وَكَذَا فِي الْمُحَرَّرِ لِلرَّافِعِيِّ لَكِنْ صَحَّحَ فِي شَرْحَيْهِ عَلَى الْوَجِيز الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَصَحَّحَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ الْأَوَّلَ، وَقَالَ الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ بِالثَّانِي.

[فَائِدَة قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ]

(التَّاسِعَةُ) قَوْلُهُ «مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْإِحْصَاءُ فِي هَذَا يَحْتَمِلُ وُجُوهًا (أَظْهَرُهَا) الْعَدُّ لَهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضُهَا لَكِنْ يَدْعُو اللَّهَ بِهَا كُلِّهَا، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا فَيَسْتَوْجِبُ الْمَوْعُودَ عَلَيْهَا مِنْ الثَّوَابِ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّ مَعْنَى الْإِحْصَاءِ فِيهَا الْإِطَاقَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: ٢٠] ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا» أَيْ لَنْ تُطِيقُوا أَنْ تَبْلُغُوا كُنْهَ الِاسْتِقَامَةِ، وَلَكِنْ اجْتَهَدُوا فِي ذَلِكَ مَبْلَغَ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ، وَالْمَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>