. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَالْمَشْيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ مَعًا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَقَالَ: لِيُحْفِهِمَا وَلَا بُدَّ حَتَّى يُصْلِحَ الْأُخْرَى إلَّا فِي الْوُقُوفِ الْخَفِيفِ وَالْمَشْيِ الْيَسِيرِ، لَكِنْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الَّذِي يَنْقَطِعُ شِسْعُ نَعْلِهِ وَهُوَ فِي أَرْضٍ حَارَّةٍ هَلْ يَمْشِي فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا قَالَ: لَا وَلَكِنْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَقِفْ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْفَتْوَى وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْأَثَرِ وَعَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ.
(الرَّابِعَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ: سَبَبُهُ أَنَّ ذَلِكَ تَشْوِيهٌ وَمَشَقَّةٌ وَمُخَالِفٌ لِلْوَقَارِ وَلِأَنَّ الْمُنْتَعِلَةَ تَصِيرُ أَرْفَعَ مِنْ الْأُخْرَى فَيَعْسُرُ مَشْيُهُ وَرُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِلْعِثَارِ. انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: قِيلَ: لِأَنَّهَا مِشْيَةُ الشَّيْطَانِ وَقِيلَ: لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الِاعْتِدَالِ فَهُوَ إذَا تَحَفَّظَ بِالرِّجْلِ الْحَافِيَةِ تَعَثَّرَ بِالْأُخْرَى أَوْ يَكُونُ أَحَدُ شِقَّيْهِ أَعْلَى فِي الْمَشْيِ مِنْ الْآخَرِ وَذَلِكَ اخْتِلَالٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُبْحِ وَالشُّهْرَةِ وَامْتِدَادِ الْأَبْصَارِ إلَى مَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنْهُ وَكُلُّ لِبَاسٍ صَارَ لِصَاحِبِهِ بِهِ شُهْرَةٌ فِي الْقُبْحِ فَحُكْمُهُ أَنْ يُتَّقَى وَيُجْتَنَبَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُثْلَةِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا قَدْ يَجْمَعُ أُمُورًا:
(مِنْهَا) أَنَّهُ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ أَحَدِ الْقَدَمَيْنِ مِنْهُ عَلَى الْحَفَاءِ إنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ التَّوَقِّي وَالتَّهَيُّبِ لِأَذًى يُصِيبُهُ أَوْ حَجَرٍ يَصْدِمُهُ وَيَكُونُ وَضْعُهُ الْقَدَمَ الْآخَرَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مِنْ الِاعْتِمَادِ بِهِ وَالْوَضْعِ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُحَاشَاةٍ أَوْ تَقِيَّةٍ فَيَخْتَلِفُ مِنْ ذَلِكَ مَشْيُهُ وَيَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ سَجِيَّةِ الْمَشْيِ عَلَى عَادَتِهِ الْمُعْتَادَةِ فَلَا يَأْمَنُ عِنْدَ ذَلِكَ الْعِثَارَ وَالْعَنَتَ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فَاعِلُهُ عِنْدَ النَّاسِ بِصُورَةٍ مِنْ إحْدَى رِجْلَيْهِ أَقْصَرَ مِنْ الْأُخْرَى وَلَا خَفَاءَ بِقُبْحِ مَنْظَرِ هَذَا الْفِعْلِ وَكُلُّ أَمْرٍ يَشْتَهِرُهُ النَّاسُ وَيَرْفَعُونَ إلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ.
[فَائِدَة النَّعْلُ مُؤَنَّثَةٌ] ١
(الْخَامِسَةُ) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ النَّعْلُ مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُلْبَسُ فِي الْمَشْيِ تُسَمَّى الْآنَ تَاسُومَةُ انْتَهَى.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ اسْمَ النَّعْلِ لَا يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يُلْبَسُ فِي الرِّجْلِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ النَّعْلَ لِبَاسُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّمَا اتَّخَذَ النَّاسُ غَيْرَهُ لِمَا فِي بِلَادِهِمْ مِنْ الطِّينِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُحْكَمِ: النَّعْلُ وَالنَّعْلَةُ مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ: فَأَمَّا قَوْلُ كَثِيرٍ لَهَا نَعْلٌ فَإِنَّهُ حَرَّكَ حَرْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute