. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
تَقْصِيرُ الْجَمِيعِ وَإِنْ مَنَعَ الزَّوْجُ، لِأَنَّ لَهَا غَرَضًا فِي حُصُولِ هَذِهِ السُّنَّةِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجِ فِيهِ وَأَمَّا الْحَلْقُ فَيَحْتَمِلُ الْجَزْمُ بِامْتِنَاعِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَشْوِيهًا وَيُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي إجْبَارِهَا عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَمَالُ الِاسْتِمْتَاعِ كَإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ وَنَحْوِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ إجْبَارَهَا عَلَيْهِ وَفِي التَّحْرِيمِ عَلَيْهَا عِنْدَ مَنْعِ الْوَالِدِ نَظَرٌ،.
وَالْأَوْجَهُ إثْبَاتُهُ، وَحُكْمُ التَّقْصِيرِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ كَحُكْمِ الْحَلْقِ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ فَلَوْ جَوَّزْنَا زِيَادَةً عَلَيْهِ لَكَانَ يُؤَدِّي إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّشْوِيهِ انْتَهَى؛ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ إذَا قَصَّرَتْ تَأْخُذُ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ أَوْ فَوْقَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ دُونَهُ بِقَلِيلٍ وَلَيْسَتْ كَالرَّجُلِ فِي أَنَّهُ يَجُزُّهُ جَزًّا، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهَا تَأْخُذُ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ أَرْبَعٍ مَقْبُوضَةً وَعَنْ النَّخَعِيّ قَدْرَ مِفْصَلَيْنِ وَعَنْ قَتَادَةَ تُقَصِّرُ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ، وَعَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ فِي الْعَجُوزِ نَحْوَ الرُّبْعِ وَفِي الشَّابَّةِ أَشَارَتْ بِأُنْمُلَتِهَا تَأْخُذُ وَتُقَلِّلُ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ تَأْخُذُ ثُلُثَهُ.
[فَائِدَةٌ مَحَلُّ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْحَلْق والتقصير فِي الْحَجّ]
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَا إذَا لَمْ يُلَبِّدْ شَعْرَ رَأْسِهِ فَإِنْ لَبَّدَهُ أَيْ سَكَّنَهُ بِمَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاشَ كَالصَّمْغِ وَنَحْوِهِ تَعَيَّنَ عِنْدَهُمْ الْحَلْقُ وَلَمْ يَجُزْ التَّقْصِيرُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقُ وَأَبِي ثَوْرٍ.
وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَنَّهُ عَلَى مَا نَوَى مِنْ ذَلِكَ، إنْ نَوَى الْحَلْقَ تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى بَقَاءِ التَّخْيِيرِ فِي حَقِّهِ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُلَبِّدِ وَغَيْرِهِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ هُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ وَتَمَسَّكَ الْأَوَّلُونَ بِمَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ فَلْيَحْلِقْ» .
وَجَعَلَ أَصْحَابُنَا الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ التَّلْبِيدَ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَنْ يُرِيدُ الْحَلْقَ يَوْمَ النَّحْرِ لِلنُّسُكِ: فَيُنَزَّلُ هَذَا مَنْزِلَةَ نَذْرِ الْحَلْقِ وَجَعَلَ الْمَالِكِيَّةُ سَبَبَ ذَلِكَ تَعَذُّرَ التَّقْصِيرِ وَقَالُوا لَا يُمْكِنُ التَّقْصِيرُ مَعَ التَّلْبِيدِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ: وَيَقُومُ التَّقْصِيرُ مَقَامَ الْحَلْقِ حَيْثُ يَتَمَكَّنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute