للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي الْإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثَلَثُمِائَةِ مَفْصِلٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهَا صَدَقَةً قَالُوا فَمَنْ الَّذِي يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا أَوْ الشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنْ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَرَكْعَتَيْ الضُّحَى تُجْزِئُ عَنْكَ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ هَذِهِ سُنَّةٌ تَفَرَّدَ

ــ

[طرح التثريب]

فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ فُرِضَ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ «لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَلَكِنِّي خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجَزُوا عَنْهَا» قُلْت الْمَعْنَيَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْقُرْطُبِيُّ بِعِيدَانِ وَالظَّاهِرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ الْمَانِعَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ النَّاسَ يَسْتَحِلُّونَ مُتَابَعَتَهُ وَيَسْتَعْذِبُونَهَا وَيَسْتَسْهِلُونَ الصَّعْبَ فِيهَا فَإِذَا فَعَلَ أَمْرًا سَهُلَ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ لِمُتَابَعَتِهِ فَقَدْ يُوجِبُهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِذَا تُوُفِّيَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - زَالَ عَنْهُمْ ذَلِكَ النَّشَاطُ وَحَصَلَ لَهُمْ الْفُتُورُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا اسْتَسْهَلُوهُ لَا أَنَّهُ يُفْرَضُ عَلَيْهِمْ وَلَا بُدَّ كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي جَوَابِهِ الثَّانِي وَغَايَتُهُ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مُرْتَقَبًا مُتَوَقَّعًا قَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا يَقَعُ وَاحْتِمَالُ وُقُوعِهِ هُوَ الَّذِي مَنَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا فَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ تَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ عَمَلٍ وَنَظَرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة إذَا تَعَارَضَتْ مَصْلَحَتَانِ قَدَّمَ أَهَمَّهُمَا]

(الْعَاشِرَةُ) وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَتْ مَصْلَحَتَانِ قَدَّمَ أَهَمَّهُمَا لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُحِبُّ صَلَاةَ الضُّحَى وَيَفْعَلُهَا أَحْيَانًا وَلَكِنْ لَمَّا عَارَضَهُ خَوْفُ افْتِرَاضِهَا عَلَى النَّاسِ تَرَكَ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا لِعِظَمِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي يَخْشَاهَا مِنْ تَرْكِهِمْ لِلْفَرْضِ عِنْدَ عَجْزِهِمْ.

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) وَفِيهِ بَيَانُ كَمَالِ شَفَقَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَرَأْفَتِهِ بِأَمَتِهِ وَفِي التَّنْزِيلِ {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨]

[حَدِيث فِي الْإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثَلَثُمِائَةِ مَفْصِلٍ]

(الْحَدِيثُ الثَّانِي) وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: فِي الْإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثَلَثُمِائَةِ مَفْصِلٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهَا صَدَقَةً، قَالُوا فَمَنْ الَّذِي يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا أَوْ الشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنْ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>