قَالَ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ» ..
ــ
[طرح التثريب]
يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ» . {فِيهِ} فَوَائِدُ: {الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَتِهِمَا حَبْلَهُ بِالْإِفْرَادِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ فِي جُلِّ الْمُوَطَّآتِ " لِيَأْخُذَ " وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَمَعْنِ بْنِ عِيسَى لَأَنْ يَأْخُذَ. قَالَ وَهُوَ الْمُرَادُ وَالْمَقْصِدُ وَالْمَعْنَى مَفْهُومٌ (قُلْت) فِي رِوَايَتِنَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُصْعَبٍ «لَأَنْ يَأْخُذَ» وَكَذَا هُوَ فِي مُوَطَّإِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْر وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ وَيَسْتَغْنِيَ بِهِ مِنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ، ذَلِكَ بِأَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ صَحِيحٌ غَرِيبٌ يُسْتَغْرَبُ مِنْ حَدِيثِ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ.
{الثَّانِيَةُ} فِيهِ الْحَلِفُ لِتَقْوِيَةِ الْأَمْرِ وَتَأْكِيدِهِ.
{الثَّالِثَةُ} قَوْلُهُ (أَحْبُلَهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ حَبْلٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى حِبَالٍ، وَقَوْلُهُ «فَيَحْتَطِبَ» بِتَاءِ الِافْتِعَالِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «فَيَحْطِبَ» بِغَيْرِ تَاءٍ وَهُوَ صَحِيحٌ.
[فَائِدَة تَرْجِيحُ الِاكْتِسَابِ عَلَى السُّؤَالِ] ١
{الرَّابِعَةُ} فِيهِ تَرْجِيحُ الِاكْتِسَابِ عَلَى السُّؤَالِ وَلَوْ كَانَ بِعَمَلٍ شَاقٍّ كَالِاحْتِطَابِ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَهِيمَةٍ يَحْمِلُ الْحَطَبَ عَلَيْهَا بَلْ حَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ مَكْسَبَةٌ فِيهَا بَعْضُ الدَّنَاءَةِ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ فَإِنْ قُلْت لَا خَيْرَ فِي السُّؤَالِ فَمَا وَجْهُ هَذَا التَّرْجِيحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute