. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ الْحَدِيثَ وَقَالَ لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ إلَّا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ فَمَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَى التَّرْجِيحِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّ الَّتِي شُغِلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْعَصْرُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ وَقْعَةَ الْخَنْدَقِ بَقِيَتْ أَيَّامًا فَكَانَ هَذَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَهَذَا فِي بَعْضِهَا.
(الْخَامِسَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا تَأْخِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَكَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخَّرَهَا نَسِيَانَا لَا عَمْدًا وَكَانَ السَّبَبُ فِي النِّسْيَانِ الِاشْتِغَالَ بِأَمْرِ الْعَدُوِّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخَّرَهَا عَمْدًا لِلِاشْتِغَالِ بِالْعَدُوِّ وَكَانَ هَذَا عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ.
وَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِسَبَبِ الْعَدُوِّ، وَالْقِتَالِ بَلْ يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى حَسَبِ الْحَالِ، وَلَهَا أَنْوَاعٌ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بَعْدَ ذِكْرِهِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَذَهَبَ مَكْحُولٌ إلَى تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَدَاؤُهَا مَعَهُ إلَى وَقْتِ الْأَمْنِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ صَلَاتُهَا عَلَى سُنَّتِهَا إذَا أَمْكَنَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِحَسَبِ قُدْرَتِهِ وَلَا يُؤَخِّرُهَا، ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنْ يَكُونُوا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ تَرْكُ مَا هُمْ فِيهِ لِلْوُضُوءِ، وَالتَّيَمُّمِ وَلَا الصَّلَاةُ دُونَ طَهَارَةٍ وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ التَّأْخِيرَ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَكْحُولٍ، وَالشَّامِيِّينَ.
(السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى كَذَا الرِّوَايَةُ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} [القصص: ٤٤] وَمَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ جَوَازُهُ وَمَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ وَأَوَّلُوا مَا كَانَ نَحْوَ هَذَا بِأَنْ قَدَّرُوا فِيهِ مَوْصُوفًا مَحْذُوفًا فَالتَّقْدِيرُ عِنْدَهُمْ فِي الْآيَةِ {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} [القصص: ٤٤] وَفِي الْحَدِيثِ حَبَسُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى أَيْ عَنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى.
[فَائِدَةٌ حكمة تَسْمِيَة الْعَصْر بِالْوُسْطَى] ١
(السَّابِعَةُ) الْوُسْطَى فَعَلَى وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ فَعَلَى مِنْ الْعَدَدِ الْمُتَوَسِّطِ، وَهُوَ مُسَاوٍ فِي الْبُعْدِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَيْ إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ مُتَوَسِّطَةٌ فِي الْعَدَدِ بَيْنَ شَيْءٍ قَبْلَهَا وَشَيْءٍ بَعْدَهَا أَوْ مِنْ الْوَسَطِ، وَهُوَ الْفَاضِلُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣] فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا وُسْطَى أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute