بَابُ التَّأْمِينِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ آمِينَ وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
ــ
[طرح التثريب]
[بَابُ التَّأْمِينِ] [حَدِيث إذَا قَالَ الْإِمَامُ آمِينَ]
ِ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِقَوْلِهِ «أَمَّنَ» وَمَعْنَى أَمَّنَ قَالَ آمِينَ، وَفِي آمِينَ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: الْمَدُّ وَالْقَصْرُ مَعَ تَخْفِيفِ الْمِيمِ وَلَمْ يَحْكِ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ غَيْرَهُمَا، وَأَشْهَرُهُمَا الْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ تَشْدِيدُ الْمِيمِ مَعَ الْقَصْرِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَشْدِيدُ الْمِيمِ خَطَأٌ وَآمِينَ اسْمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ كَأَيْنَ وَكَيْفَ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهَا فَقِيلَ: الْمَعْنَى اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا لِيَكُنْ كَذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ: اسْمُ قَبِيلَةٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ أَحَدِ الصَّحَابَةِ أَنَّ آمِينَ مِثْلُ الطَّابَعِ عَلَى الصَّحِيفَةِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ خَتَمَ بِآمِينَ فَقَدْ أَوْجَبَ» عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَالَ الْإِمَامُ آمِينَ وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) فِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّأْمِينُ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ وَخَالَفَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَسْتَحِبَّ لِلْإِمَامِ التَّأْمِينَ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَأَوَّلُوا قَوْلَهُ «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ» عَلَى بُلُوغِهِ مَوْضِعَ التَّأْمِينِ وَهُوَ خَاتِمَةُ الْفَاتِحَةِ كَمَا يُقَالُ: أَنْجَدَ إذَا بَلَغَ نَجْدًا وَأَتْهَمَ إذَا بَلَغَ تِهَامَةَ وَأَحْرَمَ إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ قَالَ: وَهَذَا مَجَازٌ فَإِنْ وُجِدَ دَلِيلٌ يُرَجِّحُهُ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ «إذَا أَمَّنَ» وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي التَّأْمِينِ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَجَازِ قَالَ وَلَعَلَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَمَدَ عَلَى عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إنْ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ عَمَلٌ وَرَجَّحَ بِهِ مَذْهَبَهُ انْتَهَى.
(قُلْت) وَمَا حَكَاهُ مِنْ التَّأْوِيلِ عَنْهُمْ لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَهِيَ رِوَايَةُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute