للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

عُذْرٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ؛ لِأَنَّ لِلشَّافِعِيِّ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَالْقَوْلُ الثَّانِي: جَوَازُهُ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ مُسْتَحَبٌّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُرُوجِ مِنْ النَّافِلَةِ.

[فَائِدَةٌ مُفَارَقَة الْمَأْمُومِ لِكَوْنِهِ لَا يَصْبِرُ عَلَى طُولِ الْقِرَاءَةِ]

(الْخَامِسَةُ) فِيهِ حُجَّةٌ لِأَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ مُفَارَقَةَ الْمَأْمُومِ لِكَوْنِهِ لَا يَصْبِرُ عَلَى طُولِ الْقِرَاءَةِ لِضَعْفٍ أَوْ شُغْلٍ عُذْرٌ مُجَوِّزٌ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ هَلْ يَجُوز خُرُوج الْمَأْمُوم مِنْ صَلَاة الْجُمُعَةِ لِعُذْرٍ] ١

(السَّادِسَةُ) اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ جَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْفَقِيهُ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الِانْفِرَادِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ هَكَذَا جَزَمَ بِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازَ الْخُرُوجِ مِنْ الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ مُسْتَحَبٌّ، فَاقْتَضَى وُجُوبُ الِاقْتِدَاءِ فِي الْجُمُعَةِ أَنْ لَا يَجُوزَ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَلَكِنَّ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ تَبَعًا لَهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ كَغَيْرِهَا فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْمُفَارَقَةِ أَتَمَّهَا جُمُعَةً كَمَا إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَزَادَ عَلَى هَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْمَسْأَلَةُ مَحَلُّ نَظَرٍ لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا جُعِلَ إدْرَاكُهَا بِرَكْعَةٍ لِأَجْلِ الْمَسْبُوقِينَ لَا لِمَنْ خَرَجَ مِنْ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَلْيُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ إلَّا أَنَّ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعَةُ) وَقَوْلُهُ فِيهِ «فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْرُغَ فَصَلَّى وَذَهَبَ» هَلْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ أَنَّهُ أَبْطَلَ إحْرَامَهُ مَعَهُ ثُمَّ أَنْشَأَ إحْرَامًا مُنْفَرِدًا؟ وَلَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَكِنْ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ التَّصْرِيحُ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ «فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ» فَإِنْ كَانَتْ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ رَأْسًا وَإِنْ كَانَا وَاقِعَتَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخَرِ الْبَابِ فَالْأَمْرُ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الِاحْتِمَالِ وَقَدْ أَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إلَى أَنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَلَّمَ شَاذَّةٌ ضَعِيفَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>