. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ فِي الشَّرِّ، وَالْجَاسُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ وَالنَّامُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ، وَبِالْحَاءِ الْبَحْثُ عَمَّا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ بِالْعَيْنِ أَوْ الْأُذُنِ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ إنَّهُ أَعْرَفُ وَقِيلَ بِالْجِيمِ أَنْ تَطْلُبَ لِغَيْرِك وَبِالْحَاءِ أَنْ تَطْلُبَ لِنَفْسِك قَالَهُ ثَعْلَبٌ.
(الثَّامِنَةُ) : فِيهِ تَحْرِيمُ التَّحَسُّسِ، وَهُوَ الْبَحْثُ عَنْ مَعَايِبِ النَّاسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَاضِينَ وَالْعَصْرِيِّينَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَذَلِكَ حَرَامٌ كَالْغِيبَةِ أَوْ أَشَدُّ مِنْ الْغِيبَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: ١٢] الْآيَةَ قَالَ فَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَرَدَا جَمِيعًا بِأَحْكَامِ هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ قَدْ اُشْتُهِرَ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ ثُمَّ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقِيلَ لَهُ هَذَا فُلَانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إنَّا قَدْ نُهِينَا عَنْ التَّجَسُّسِ وَلَكِنْ أَنْ يَظْهَرَ لَنَا مِنْهُ شَيْءٌ نَأْخُذُ بِهِ، قَالَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: ١٢] قَالَ خُذُوا مَا ظَهَرَ وَدَعُوا مَا سَتَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى. .
[فَائِدَة الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا وَحُظُوظِهَا]
(التَّاسِعَةُ) : قَوْلُهُ «وَلَا تَنَافَسُوا:» هُوَ بِحَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ أَيْضًا وَأَصْلُهُ تَتَنَافَسُوا وَمَعْنَى التَّنَافُسِ الرَّغْبَةُ فِي الشَّيْءِ وَفِي الِانْفِرَادِ بِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ وَقِيلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ التَّمَادِي فِي الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا وَحُظُوظِهَا انْتَهَى.
وَأَمَّا التَّنَافُسُ فِي الْخَيْرِ فَمَأْمُورٌ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: ٢٦] أَيْ فِي الْجَنَّةِ وَثَوَابِهَا قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَكَأَنَّ الْمُنَافَسَةَ هِيَ الْغِبْطَةُ وَقَدْ أَبْعَدَ مَنْ فَسَّرَهَا بِالْحَسَدِ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ قَدْ قَرَنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَسَدِ فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا أَمْرَانِ مُتَغَايِرَانِ. .
[فَائِدَة الْحَسَد] ١
(الْعَاشِرَةُ) : فِيهِ النَّهْيُ عَنْ الْحَسَدِ، وَهُوَ تَمَنِّي زَوَالِ النِّعْمَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ» فَقَدْ تُجُوِّزَ فِيهِ بِإِطْلَاقِ الْحَسَدِ عَلَى هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ وَالْوَاقِعُ فِيهِمَا لَيْسَ حَسَدًا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هُوَ غِبْطَةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَمَنَّ زَوَالَ تِلْكَ الْخَصْلَةِ عَنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَإِنَّمَا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُهَا وَهَذَا لَيْسَ حَسَدًا وَلَوْ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ وَأُمُورِ الدُّنْيَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) : إنْ قُلْت إذَا وَقَعَ فِي خَاطِرِ إنْسَانٍ كَرَاهَةُ آخَرَ بِحَيْثُ بَلَغَتْ بِهِ كَرَاهَتُهُ إلَى أَنْ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يُشِعْ ذَلِكَ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute