وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يُسَمَّ خَضِرٌ إلَّا أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ» الْفَرْوَةُ الْحَشِيشُ الْأَبْيَضُ
ــ
[طرح التثريب]
الْقُضَاةِ وَمَعْنَاهُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ فَاعْتَبَرَ وَاسْتَعْبَرَ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي نَقْدِهِ عَلَى الزَّمَخْشَرِيّ رَأَى أَنَّ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَرْفَعُ مِنْ قَاضِي الْقُضَاةِ، وَاَلَّذِي يُلَاحِظُونَهُ الْآنَ فِي عَكْسِهِ أَنَّ الْقُضَاةَ يُشَارِكُونَ أَقْضَاهُمْ فِي الْوَصْفِ، وَإِنْ تَرَفَّعَ عَلَيْهِمْ فَتَرَفَّعُوا أَنْ يُشَارِكَهُمْ أَحَدٌ فَأَفْرَدُوا رَئِيسَهُمْ بِنَعْتِهِ بِقَاضِي الْقُضَاةِ الَّذِي هُوَ يَقْضِي بَيْنَ الْقُضَاةِ وَلَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِي وَصْفِهِ وَجَعَلُوا أَقْضَى الْقُضَاةِ يَلِيهِ فِي الْمَرْتَبَةِ، وَقَدْ أَطْلَقَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَقْضَى الْقُضَاةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ» فَلَا حَرَجَ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى أَعْدَلِ قُضَاةِ الزَّمَانِ أَوْ الْإِقْلِيمِ أَوْ أَعْلَمِهِمْ أَقْضَى الْقُضَاةِ وَقَاضِي الْقُضَاةِ أَيْ فِي زَمَنِهِ وَبَلَدِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ
وَكُلُّ قَرْنٍ نَاجِمٌ فِي زَمَنٍ ... فَهْوَ شَبِيهٌ فِي زَمَنٍ فِيهِ بَدَا
وَقَالَ الْعَلَمُ الْعِرَاقِيُّ الصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ مِنْ مَنْعِ الِاتِّصَافِ بِأَقْضَى الْقُضَاةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمُنِيرِ: إنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قِيلَ فِي حَقِّهِ: أَقْضَى الْقُضَاةِ لَيْسَ بِمَجِيدٍ فَإِنَّ التَّفْضِيلَ فِي حَقِّ عَلِيٍّ وَقَعَ عَلَى قَوْمٍ مُخَاطَبِينَ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ» وَالشَّهَادَةُ لَهُ بِذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى.
وَأَمَّا إطْلَاقُ التَّفْضِيلِ عَلَى كُلِّ مَنْ يَحْكُمُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ} [النمل: ٧٨] وَقَالَ {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ} [الحجر: ٦٦] وَقَالَ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَالْأَدَبُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الصِّفَاتِ أَنْ لَا يُدْعَى أَحَدٌ إلَى فَضِيلَةٍ وَالتَّقَدُّمِ فِيهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْجُرْأَةِ وَسُوءِ الْأَدَبِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ مَرَّةً وَنُعِتَ بِذَلِكَ وَلَدَّ فِي سَمْعِهِ فَتَحَيَّلَ لِنَفْسِهِ فِي إجَازَةِ إطْلَاقِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَقَّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث لَمْ يُسَمَّ خَضِرٌ إلَّا أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ]
(الْحَدِيثُ الثَّانِي) وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يُسَمَّ خَضِرٌ إلَّا أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ» الْفَرْوَةُ الْحَشِيشُ الْأَبْيَضُ وَمَا أَشْبَهَهُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute