للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ فِي شَجَرَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ إلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ «إنَّ أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ يَعْلُقُ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ» وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ «إنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ»

[فَائِدَة اتِّحَادُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءُ] ١

{الْخَامِسَةُ} قَوْلُهُ «إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ظَاهِرُهُ اتِّحَادُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءُ لَكِنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ فِي التَّقْدِيرِ وَلَعَلَّ تَقْدِيرُهُ فَمِنْ مَقَاعِدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَيْ فَالْمَعْرُوضُ عَلَيْهِ مِنْ مَقَاعِدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَحَذَفَ الْمُبْتَدَأَ وَالْمُضَافَ وَالْمَجْرُورَ بِمِنْ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ وَالرِّوَايَةُ الَّتِي نَقَلْنَاهَا عَنْ مُسْلِمٍ فَالْجَنَّةُ تَقْدِيرُهَا فَالْمَعْرُوضُ الْجَنَّةُ فَاقْتَصَرَ مِنْهَا عَلَى حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ فَهِيَ حَذْفًا، وَكَذَا الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ «وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ»

[فَائِدَة عَذَابِ الْقَبْرِ] ١

{السَّادِسَةُ} فِيهِ إثْبَاتُ عَذَابِ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ عَرْضَ مَقْعَدِهِ مِنْ النَّارِ عَلَيْهِ نَوْعٌ عَظِيمٌ مِنْ الْعَذَابِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَدْ تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا يَمْتَنِعُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يُعِيدَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَيَاةَ فِي جُزْءٍ مِنْ الْجَسَدِ وَيُعَذِّبَهُ وَإِذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْعَقْلُ وَوَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَقَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْخَوَارِجُ وَمُعْظَمُ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةِ وَنَفَوْا ذَلِكَ، ثُمَّ الْمُعَذَّبُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ الْجَسَدُ بِعَيْنِهِ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ إعَادَةِ الرُّوحِ إلَيْهِ أَوْ إلَى جُزْءٍ مِنْهُ وَخَالَفَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كِرَامٍ وَطَائِفَةٌ فَقَالُوا لَا يُشْتَرَطُ إعَادَةُ الرُّوحِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْأَلَمَ وَالْإِحْسَاسَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْحَيِّ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْمَيِّتِ قَدْ تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ كَمَا نُشَاهِدُ فِي الْعَادَةِ أَوْ أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ أَوْ حِيتَانُ الْبَحْرِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعِيدُهُ لِلْحَشْرِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ فَكَذَا يُعِيدُ الْحَيَاةَ إلَى جُزْءٍ مِنْهُ أَوْ أَجْزَاءٍ وَإِنْ أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ وَالْحِيتَانُ (فَإِنْ قِيلَ) فَنَحْنُ نُشَاهِدُ الْمَيِّتَ عَلَى حَالِهِ فِي قَبْرِهِ فَكَيْفَ يُسْأَلُ وَيَقْعُدُ وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ وَيُعَذِّبُهُ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ بَلْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْعَادَةِ وَهُوَ النَّائِمُ فَإِنَّهُ يَجِدُ لَذَّةً وَآلَامًا لَا نُحِسُّ نَحْنُ شَيْئًا مِنْهَا، وَكَذَا يَجِدُ الْيَقْظَانُ لَذَّةً وَأَلَمًا لِمَا يَسَعُهُ أَوْ يُفَكِّرُ فِيهِ وَلَا يُشَاهِدُ ذَلِكَ جَلِيسُهُ مِنْهُ، وَكَذَا كَانَ جِبْرِيلُ يَأْتِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُخْبِرُهُ بِالْوَحْيِ الْكَرِيمِ وَلَا يُدْرِكُهُ الْحَاضِرُونَ وَكُلُّ هَذَا وَاضِحٌ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ

[فَائِدَة أَرْوَاحَ الْمَوْتَى عَلَى أَفْنِيَةِ الْقُبُورِ]

{السَّابِعَةُ} قَالَ بَعْضُهُمْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ أَرْوَاحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>