وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشَّيْخُ عَلَى حُبِّهِ اثْنَتَيْنِ طُولُ الْحَيَاةِ وَكَثْرَةُ الْمَالِ» كَذَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَقَالَ الشَّيْخَانِ «قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ» الْحَدِيثَ وَهُوَ الصَّوَابُ.
ــ
[طرح التثريب]
أَيْ لَيْسَ الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْعَرَضِ (ثَالِثُهَا) أَنَّهَا بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] أَيْ بِالْهَوَى أَيْ لَيْسَ الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْعَرَضِ.
{الرَّابِعَةُ} قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْغِنَى الْمَحْمُودُ غِنَى النَّفْسِ وَشِبَعُهَا وَقِلَّةُ حِرْصِهَا لَا كَثْرَةُ الْمَالِ مَعَ الْحِرْصِ عَلَى الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ طَالِبًا لِلزِّيَادَةِ لَمْ يَسْتَغْنِ بِمَا مَعَهُ فَلَيْسَ لَهُ غِنًى وَسَبَقَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ حَكَى عَنْ الْإِمَامِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْغِنَى النَّافِعَ وَاَلَّذِي يَكُفُّ عَنْ الْحَاجَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرَ الْمَالِ غِنًى انْتَهَى وَحَاصِلُ هَذَا إثْبَاتُ الْغِنَى لِغَنِيِّ النَّفْسِ وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ حَتَّى يَنْفِيَ الْغِنَى عَمَّنْ فَقَدَهُ وَإِنْ كَثُرَ مَالُهُ مَعَ أَنَّهُ غِنًى بِالْحَقِيقَةِ لَكِنَّهُ نُفِيَ لِانْتِفَاءِ ثَمَرَتِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ الْغِنَى بِالْمَالِ مَعَ الْحِرْصِ فَهُوَ غَيْرُ مَحْمُودٍ وَلَا نَافِعٍ كَمَا يُسَمَّى الْعَالِمُ الَّذِي لَا يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ جَاهِلًا لِانْتِفَاءِ ثَمَرَةِ الْعِلْمِ فِي حَقِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْخَامِسَةُ} فِيهِ فَضْلُ الْقَنَاعَةِ وَالْحَثُّ عَلَيْهَا وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ
[حَدِيث الشَّيْخُ عَلَى حُبِّهِ اثْنَتَيْنِ طُولُ الْحَيَاةِ وَكَثْرَةُ الْمَالِ]
{الْحَدِيثُ السَّادِسُ} وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشَّيْخُ عَلَى حُبِّهِ اثْنَتَيْنِ طُولُ الْحَيَاةِ وَكَثْرَةُ الْمَالِ» كَذَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ.
وَقَالَ الشَّيْخَانِ «قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ» الْحَدِيثَ وَهُوَ الصَّوَابُ. {فِيهِ} فَوَائِدُ. {الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ «لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الْأَمَلِ» وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ طُولُ الْحَيَاةِ وَحُبُّ الْمَالِ» وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ حُبُّ الْعَيْشِ وَالْمَالِ» ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute