للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلِهَذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنَّا الرِّجْزَ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَجَازٌ عَلَى طَرِيقِ التَّشْبِيهِ بِحَرِّ جَهَنَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» .

[فَائِدَة الشِّدَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْ الْحُمَّى هِيَ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ] ١

(الثَّالِثَةُ) فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إثْبَاتُ ذَلِكَ لِلْحُمَّى وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «إنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى» فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْحُمَّى فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ شِدَّةُ الْحُمَّى لَا مُطْلَقُ الْحُمَّى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَفَاوُتٌ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ الشِّدَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْ الْحُمَّى هِيَ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَهَذَا وَصْفٌ لَازِمٌ لِلْحُمَّى إذْ لَا تَخْلُو عَنْ شِدَّةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ: «فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ» هُوَ بِهَمْزَةٍ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «فَابْرُدُوهَا» فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَبِضَمِّ الرَّاءِ يُقَالُ بَرَدْت الْحُمَّى اُبْرُدْهَا بَرْدًا عَلَى وَزْنِ قَتَلْتهَا اُقْتُلْهَا قَتْلًا أَيْ أَسْكَنْت حَرَارَتَهَا وَأَطْفَأْت لَهَبَهَا، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْفَصِيحُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ وَكُتُبِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهَا، وَحَكَى صَاحِبُ الْمَشَارِقِ أَنَّهُ يُقَالُ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَكَسْرِ الرَّاءِ فِي لُغَةٍ وَقَدْ حَكَاهَا الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ هِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ.

[فَائِدَة مُدَاوَاةُ الْحُمَّى بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ]

(الْخَامِسَةُ) فِيهِ مُدَاوَاةُ الْحُمَّى بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ أَنَّهُ اعْتَرَضَ ذَلِكَ وَقَالَ: الْأَطِبَّاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَحْمُومِ الْمَاءَ الْبَارِدَ مُخَاطَرَةٌ وَقَرِيبٌ مِنْ الْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْمَسَامَّ وَيَحْقِنُ الْبُخَارَ الْمُتَحَلِّلَ، وَيَعْكِسُ الْحَرَارَةَ إلَى دَاخِلِ الْجِسْمِ فَيَكُونُ سَبَبًا لِلتَّلَفِ؛ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَنَقُولُ فِي إبْطَالِ اعْتِرَاضِهِ إنَّ عِلْمَ الطِّبِّ مِنْ أَكْثَرِ الْعُلُومِ احْتِيَاجًا إلَى التَّفْصِيلِ حَتَّى أَنَّ الْمَرِيضَ يَكُونُ الشَّيْءُ دَوَاءَهُ فِي سَاعَةٍ ثُمَّ يَصِيرُ دَاءً لَهُ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تَلِيهَا بِعَارِضٍ يَعْرِضُ مِنْ غَضَبٍ يُحْمِي مِزَاجَهُ فَيَتَغَيَّرُ عِلَاجُهُ، أَوْ هَوَاءٍ يَتَغَيَّرُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا تُحْصَى كَثْرَتُهُ، فَإِذَا وُجِدَ الشِّفَاءُ بِشَيْءٍ فِي حَالَةٍ مَا لِشَخْصٍ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ الشِّفَاءُ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ، وَجَمِيعُ الْأَشْخَاصِ وَالْأَطِبَّاءِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْوَاحِدَ يَخْتَلِفُ عِلَاجُهُ بِاخْتِلَافِ السِّنِّ وَالزَّمَانِ وَالْعَادَةِ وَالْغِذَاءِ الْمُتَقَدِّمِ وَالتَّأْثِيرِ الْمَأْلُوفِ وَقُوَّةِ الطِّبَاعِ فَإِذَا عَرَفْت ذَلِكَ فَنَقُولُ: إنَّ الْمُعْتَرِضَ تَقَوَّلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ اُبْرُدُوهَا بِالْمَاءِ وَلَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ وَحَالَتَهُ وَالْأَطِبَّاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>