. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لِلْخُيَلَاءِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مَنْعَ تَحْرِيمٍ، وَإِلَّا فَمَنْعُ تَنْزِيهٍ.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمُطْلَقَةُ بِأَنَّ مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ لِلْخُيَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُقَيَّدِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يُجَاوِزَ بِثَوْبِهِ كَعْبَيْهِ وَيَقُولَ لَا أَتَكَبَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ قَدْ يَتَنَاوَلُهُ لَفْظًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ حُكْمًا فَيَقُولُ إنِّي لَسْتُ مِمَّنْ يُسْبِلُهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ فِي فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرِيعَةِ وَدَعْوَى لَا تُسَلَّمُ لَهُ بَلْ مِنْ تَكَبُّرِهِ يُطِيلُ ثَوْبَهُ وَإِزَارَهُ فَكَذِبُهُ فِي ذَلِكَ مَعْلُومٌ قَطْعًا انْتَهَى.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِتَقْيِيدِ الْحَدِيثِ بِالْخُيَلَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة جَرُّ الثَّوْب خُيَلَاءَ فِي حَالَةَ الْقِتَالِ]
(الْعَاشِرَةُ) يُسْتَثْنَى مِنْ جَرِّهٍ خُيَلَاءَ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ حَالَةَ الْقِتَالِ فَيَجُوزُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «إنَّ مِنْ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمِنْ الْخُيَلَاءِ مَا يُبْغِضُ اللَّهُ فَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ فَأَنْ يَتَبَخْتَرَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ» الْحَدِيثَ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ فَالْجَرُّ خُيَلَاءَ هُنَا فِيهِ إعْزَازُ الْإِسْلَامِ وَظُهُورُهُ وَاحْتِقَارُ عَدُوِّهِ وَغَيْظُهُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ احْتِقَارُ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْظُهُمْ وَالِاسْتِعْلَاءُ عَلَيْهِمْ قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ، وَالْأَظْهَرُ أَيْضًا جَوَازُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ دَفْعًا لِضَرَرٍ يَحْصُلُ لَهُ كَأَنْ يَكُونَ تَحْتَ كَعْبَيْهِ جِرَاحٌ أَوْ حَكَّةٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُغَطِّهَا تُؤْذِهِ الْهَوَامُّ كَالذُّبَابِ وَنَحْوِهِ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهَا وَلَا يَجِدُ مَا يَسْتُرُهَا بِهِ إلَّا رِدَاءَهُ أَوْ إزَارَهُ أَوْ قَمِيصَهُ فَقَدْ أَذِنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزُّبَيْرِ وَابْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ قَمِيصِ الْحَرِيرِ مِنْ حَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا وَأَذِنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَعْبٍ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ لَمَّا أَذَاهُ الْقَمْلُ مَعَ تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ عَارِضٍ وَتَحْرِيمِ حَلْقِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ، وَهَذَا كَمَا يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ لِلتَّدَاوِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّرَخُّصِ.
[فَائِدَة لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ] ١
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) إنْ قُلْت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» فَالْجَارُّ لِثَوْبِهِ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ مُظْهِرًا لِلتَّجَمُّلِ بِذَلِكَ مُعْجِبًا يَحْسُنُ مَلْبَسُهُ وَنَضَارَةُ رَوْنَقِهِ لَمْ يَتَكَبَّرْ عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ، وَلَمْ يَحْتَقِرْ أَحَدًا فَكَيْفَ جُعِلَ كِبْرًا مَذْمُومًا (قُلْت) الذَّمُّ إنَّمَا وَرَدَ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كِبْرًا بِأَنْ يَفْعَلَهُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلنَّصِيحَةِ النَّبَوِيَّةِ وَلَا مُكْتَرِثًا بِالتَّأْدِيبِ الْإِلَهِيِّ أَوْ مُحْتَقِرًا لِمَنْ لَيْسَ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي رَآهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute