للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ نُسِخَ الْوَالِدَانِ بِالْفَرْضِ لَهُمَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَبَقِيَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّنْ لَا يَرِثُ؛ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ جَائِزَةٌ حَرَّضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُوصِيَ لِقَرَابَتِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ لِحَاجِبٍ أَوْ لِمَانِعٍ بِمَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ لِأَحَدٍ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَعْطَوْا مَا رَآهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْوَصِيُّ قَالَ وَبِوُجُوبِ الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ يَقُولُ إِسْحَاقُ وَأَبُو سُلَيْمَانَ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْقَرَابَةِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ جَائِزَةٌ ثُمَّ حَكَى خِلَافًا فِيمَا إذَا تَرَكَ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ وَأَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ فَحَكَى عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَعَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ وَصِيَّتَهُ حَيْثُ جَعَلَهَا وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَعْلَى أَنَّهَا تُنْزَعُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَتُرَدُّ عَلَى الْقَرَابَةِ وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ يُعْطَى الْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْوَصِيَّةِ وَالْقَرَابَةُ ثُلُثَيْهَا.

[فَائِدَة مِقْدَارِ الْمَالِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوَصِيَّةُ أَوْ تَجِبُ] ١

(الرَّابِعَةُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَالٌ أَوْلَى عِنْدِي مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَلِيلُ الْمَالِ وَكَثِيرُهُ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا الْيَسِيرُ التَّافِهُ مِنْ الْمَالِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ إلَى الْوَصِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مِقْدَارِ الْمَالِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوَصِيَّةُ أَوْ تَجِبُ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهَا فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ لَيْسَ بِمَالٍ فِيهِ وَصِيَّةٌ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَالٍ فِيهِ وَصِيَّةٌ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا وَصِيَّةَ فِي ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا أَرْبَعَةٌ مِنْ الْوَلَدِ وَلَهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا وَصِيَّةَ فِي مَالِهَا وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠] الْخَيْرُ أَلْفٌ فَمَا فَوْقَهَا وَعَنْ عَلِيٍّ مَنْ تَرَكَ مَالًا يَسِيرًا فَلْيَدَعْهُ لِوَرَثَتِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ.

وَعَنْ عَائِشَةَ فِيمَنْ تَرَكَ ثَمَانَمِائَةٍ لَمْ يَتْرُكْ خَيْرًا فَلَا يُوصِي أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنْ الْقَوْلِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَصِيَّةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى النَّدْبِ دُونَ الْإِيجَابِ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ وَاجِبَةً فِي الْكِتَابِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ كَانَتْ مَنْسُوخَةً بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ. انْتَهَى.

وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِيمَنْ تَرَكَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ مَا فِي هَذَا فَضْلٌ عَنْ وَلَدِهِ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ مَنْ قَلَّ مَالُهُ وَكَثُرَ عِيَالُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُفَوِّتَهُ عَلَيْهِمْ بِالْوَصِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>