بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» وَفِي رِوَايَةٍ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ وَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ «قِيمَتُهُ:» .
ــ
[طرح التثريب]
تَقُولُ زَنَتْ عَيْنُك وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِقَذْفٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الشَّافِعِيُّ إنَّمَا جَعَلَهُ قَذْفًا؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ مِنْ فَاعِلِيهَا تُضَافُ إلَى الْأَيْدِي كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠] وَقَوْلِهِ {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [الحج: ١٠] : وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَقْصُورٍ عَلَى جِنَايَةِ الْأَيْدِي دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ فَكَأَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْيَدَ زَانِيَةً صَارَ الزِّنَا وَصْفًا لِلذَّاتِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَبَعَّضُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَعْنَى الْكِنَايَةِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ عِنْدَهُ لَيْسَتْ قَذْفًا انْتَهَى.
وَهُوَ نَقْلٌ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ الْجَزْمُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَذْفًا، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ نِسْبَةِ الزِّنَا لِلْيَدِ وَالْعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
١ -
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِي قَوْلِهِ «وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ:» اسْتِدْلَالٌ لِمَنْ جَعَلَ الْمَلُوطَ زَانِيًا يُحَدُّ أَوْ يُرْجَمُ كَسَائِرِ الزُّنَاةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ وَاقَعَ الْفَرْجَ بِفَرْجِهِ وَهُوَ صُورَةُ الزِّنَا حَقِيقَةً.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) : قَوْلُهُ (يُصَدِّقُ مَا ثَمَّ) : بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ مَا هُنَاكَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الزِّنَا أَتَى بِإِشَارَةِ الْبَعِيدِ دُونَ الْقَرِيبِ لِاسْتِقْذَارِ الْفَوَاحِشِ وَتَبْعِيدِهَا عَنْ النَّفْسِ وَلَا يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ عَنْهَا إلَّا بِمَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْبَعِيدِ حِسًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ]
[حَدِيث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ]
بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ.
(الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ) : عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ:» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) : أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ «قِيمَتُهُ» وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute