. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَغَيْرِهِ أَجَابَ بِمَعْنَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ «لَمَّا كَانَ أَوَّلُ أَذَانِ الصُّبْحِ أَمَرَنِي يَعْنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَذَّنْت، فَجَعَلْت أَقُولُ أُقِيمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَى نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ إلَى الْفَجْرِ، فَيَقُولُ: لَا حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ» الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ إعَادَتِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَفِي إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ النَّافِلَةَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَا أَذَانَ لَهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَذَانَ بِلَالٍ بِاللَّيْلِ إنَّمَا كَانَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ جَوَّزَ الطَّحَاوِيُّ أَنْ يَكُونَ بِلَالٌ كَانَ يُؤَذِّنُ فِي وَقْتٍ يَرَى أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ فِيهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ لِضَعْفِ بَصَرِهِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ فَإِنَّ فِي بَصَرِهِ شَيْئًا» قَالَ الطَّحَاوِيُّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُرِيدُ الْفَجْرَ فَيُخْطِئُهُ لِضَعْفِ بَصَرِهِ.
(قُلْت) : وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ طَرِيقَتَهُ وَعَادَتَهُ دَائِمًا.
وَلَوْ كَانَ لَا يَقَعُ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا لِخَطَأٍ لَمْ يَقَعْ إلَّا نَادِرًا فَإِنَّهُ لَوْلَا أَنَّ الْغَالِبَ إصَابَتُهُ لَمَا رُتِّبَ مُؤَذِّنًا وَاعْتُمِدَ عَلَيْهِ فِي الْأَوْقَاتِ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سُحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ أَوْ يُنَادِي بِلَيْلٍ لِيُرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ» الْحَدِيثَ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الْفَجْرِ يَقْصِدُ ذَلِكَ وَيَتَعَمَّدُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِيَةُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الذَّاهِبُونَ إلَى الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا إنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ذَاتُ فَضْلٍ وَهِيَ تَأْتِي فِي حَالِ نَوْمٍ فَلَوْ لَمْ يُؤَذِّنْ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ لَمَا تَمَكَّنُوا بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالِاجْتِمَاعِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا بَعْدَ الْإِسْفَارِ كَثِيرًا فَشُرِعَ الْأَذَانُ لَيْلًا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ كَيْ يَنْتَبِهَ النَّاسُ وَيَتَأَهَّبُوا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ.
وَهَذَا أَصْلٌ لِمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَسْبِيحِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَذَانِ الصُّبْحِ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِكَوْنِهِ شَرَعَ لِلنَّاسِ التَّكْبِيرَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ.
[فَائِدَةٌ يُؤَذَّنَ لِلْفَجْرِ مَرَّتَيْنِ] ١
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلْفَجْرِ مَرَّتَانِ مَرَّةً قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَرَّةً بَعْدَهُ وَبِهَذَا صَرَّحَ أَصْحَابُنَا.
قَالُوا: فَإِنْ اُقْتُصِرَ عَلَى أَذَانٍ وَاحِدِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِنْ اُقْتُصِرَ عَلَى الْأَذَانِ لَهَا قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ.
[فَائِدَة الْوَقْت الَّذِي يُؤَذَّنُ لِلصُّبْحِ فِيهِ] ١
(الرَّابِعَةُ) اخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي