للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ:» . .

ــ

[طرح التثريب]

فِقْهِيَّةً فَاحْتَاجَ إلَى مِثْلِ هَذَا، وَهُوَ فِقْهٌ دَقِيقٌ إنْ أَنْصَفْت وَتَكَلَّفْت إنْ أَسْرَفْت وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ.

[حَدِيث مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ]

الْحَدِيثُ الثَّانِي وَعَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ:» (فِيهِ) فَوَائِدُ:

(الْأُولَى) : أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ بِلَفْظِ «إنَّ أَشَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ:» وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ عُمَرَ وَبِلَفْظِ «تَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ» الْحَدِيثَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(الثَّانِيَةُ) : قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا حَدِيثٌ ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ وَبَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ فِي الْبَيَانِ عَنْ ذَمِّ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ وَقَدْ تَأَوَّلَهُ قَوْمٌ عَلَى أَنَّهُ الَّذِي يُرَائِي بِعَمَلِهِ وَيُرِي لِلنَّاسِ خُشُوعًا وَاسْتِكَانَةً وَيُوهِمُهُمْ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ حَتَّى يُكْرِمُوهُ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ «يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ:» يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ ثُمَّ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا يَنْبَغِي لِذِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا:» وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «مِنْ كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ لِسَانَيْنِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:» قَالَ وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ الْقَائِلُ قَوْلَهُ:

يُكَشِّرُ لِي حِينَ يَلْقَانِي وَإِنْ غِبْت شَتَمَ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَوْجِيهِ الْحَدِيثِ سَبَبُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ نِفَاقٌ مَحْضٌ وَكَذِبٌ وَخِدَاعٌ وَتَحَيُّلٌ عَلَى اطِّلَاعِهِ عَلَى أَسْرَارِ الطَّائِفَتَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي كُلَّ طَائِفَةٍ بِمَا يُرْضِيهَا وَيُظْهِرُ لَهَا أَنَّهُ مِنْهَا فِي خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَهِيَ مُدَاهَنَةٌ مُحَرَّمَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بَابُ ذَمِّ ذِي الْوَجْهَيْنِ وَتَحْرِيمِ فِعْلِهِ قَالَ وَالْمُرَادُ مَنْ يَأْتِي كُلَّ طَائِفَةٍ وَيُظْهِرُ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَمُخَالِفٌ لِلْآخَرِينَ مُبْغِضٌ فَإِنْ أَتَى كُلَّ طَائِفَةٍ بِالْإِصْلَاحِ وَنَحْوِهِ فَمَحْمُودٌ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>