زَادَ الْبُخَارِيُّ «مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ» وَقَالَ مُسْلِمٌ «عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»
ــ
[طرح التثريب]
وَهُوَ مَجْهُولٌ قَالَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَغَيْرُهُ.
، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْأَخِيرُ فَتَفَرَّدَ بِهِ الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ.
وَالْوَجْهُ (الثَّانِي) أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ لَيْسَ الْمَنْفِيُّ فِيهِ مُطْلَقَ الْأَمْرِ بَلْ الْأَمْرُ الَّذِي هُوَ لِلْوُجُوبِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ مَعَ الْوُضُوءِ» الْحَدِيثَ وَأَيْضًا فَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الَّذِي فِيهِ الْأَمْرُ قَالَ فِي تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ «وَلَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْته عَلَيْهِمْ» وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِ تَمَّامٍ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ كَمَا فَرَضْت عَلَيْهِمْ الْوُضُوءَ» .
وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «مَا لِي أَرَاكُمْ تَأْتُونِي قُلْحًا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ» الْحَدِيثَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا عَلَى أَنَّ الْمَنْفِيَّ أَمْرُ الْإِيجَابِ لَا الْأَمْرُ الَّذِي مَحْمَله النَّدْبُ.
وَالْوَجْهُ (الثَّالِثُ) أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَنْفِيَّ الْأَمْرُ بِهِ مُطْلَقُ السِّوَاكِ فَقَدْ دَلَّتْ رِوَايَةُ الصَّحِيحَيْنِ عَلَى تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَالْمَنْفِيُّ مَعَ الْقَيْدِ غَيْرُ الْمَنْفِيِّ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ وَلَوْ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ فِي الشَّهْرِ أَوْ فِي السَّنَةِ أَوْ فِي الْعُمْرِ فَلَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ الْمَنْدُوبُ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ] ١
(السَّابِعَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمَنْدُوبَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَمُقْتَضَاهُ كَمَا قَدْ حَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُقَالُ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْوُجُوبِ.
[فَائِدَةٌ جَوَاز الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ]
(الثَّامِنَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَوَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَشَقَّةَ سَبَبًا لِعَدَمِ أَمْرِهِ فَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ مُتَوَقِّفًا لَكَانَ سَبَبُ انْتِفَاءِ أَمْرِهِ عَدَمَ وُرُودِ النَّصِّ لَا وُرُودَ الْمَشَقَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إنَّ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى ذَلِكَ احْتِمَالًا لِلْبَحْثِ، وَالتَّأْوِيلِ.
[فَائِدَةٌ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ] ١
(التَّاسِعَةُ) اُسْتُدِلَّ بِعُمُومِ