للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

قُلْت) يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ اُضْطُرَّ إلَى السُّؤَالِ بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ فِيهِ دَمٌ أَصْلًا فَتَرْكُهُ مَعَ ذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهِ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ أَمْكَنَهُ الِاحْتِطَابَ لَمْ يَضْطَرَّ إلَى السُّؤَالِ (ثَانِيهِمَا) أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَهِيَ خَيْرٌ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ التَّرْجِيحِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} [الفرقان: ٢٤] .

{الْخَامِسَةُ} فِي الِاكْتِسَابِ فَائِدَتَانِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ السُّؤَالِ وَالتَّصَدُّقُ، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا فِي قَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَيَسْتَغْنِي مِنْ النَّاسِ» كَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِالْمِيمِ وَفِي بَعْضِهَا عَنْ النَّاسِ بِالْعَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي.

[فَائِدَة الِاكْتِسَاب بِعَمَلِ الْيَد] ١

{السَّادِسَةُ} فِيهِ فَضِيلَةُ الِاكْتِسَابِ بِعَمَلِ الْيَدِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أُصُولُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ وَالتِّجَارَةُ وَالصَّنْعَةُ وَأَيُّهَا أَطْيَبُ؟ فِيهِ مَذَاهِبُ لِلنَّاسِ أَشْبَهُهَا بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ التِّجَارَةَ أَطْيَبُ. قَالَ وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّ الزِّرَاعَةَ أَطْيَبُ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى التَّوَكُّلِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» قَالَ النَّوَوِيُّ فَالصَّوَابُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَمَلُ الْيَدِ فَإِنْ كَانَ زَرَّاعًا فَهُوَ أَطْيَبُ الْمَكَاسِبِ وَأَفْضَلُهَا؛ لِأَنَّهُ عَمَلُ يَدِهِ وَلِأَنَّ فِيهِ تَوَكُّلًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا عَامًّا لِلْمُسْلِمِينَ وَالدَّوَابِّ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَادَةِ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَحْصُلُ لَهُ أَجْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَعْمَلُ بِيَدِهِ بَلْ يَعْمَلُ لَهُ غِلْمَانُهُ وَأُجَرَاؤُهُ فَاكْتِسَابُهُ بِالزِّرَاعَةِ أَفْضَلُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَرْجِيحِ الزِّرَاعَةِ وَالصِّنَاعَةِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَلَكِنَّ الزِّرَاعَةَ أَفْضَلُهُمَا لِعُمُومِ النَّفْعِ بِهَا لِلْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ وَعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَغَايَةُ مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ تَفْضِيلُ الِاحْتِطَابِ عَلَى السُّؤَالِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ فَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِتَيَسُّرِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ الْحِجَازِ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ فِيهَا.

[فَائِدَة الِاكْتِسَابُ بِالْمُبَاحَاتِ]

{السَّابِعَةُ} وَفِيهِ الِاكْتِسَابُ بِالْمُبَاحَاتِ كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ النَّابِتَيْنِ فِي مَوَاتٍ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْمُهَلَّبُ عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ مِنْ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ حَتَّى يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكُ الْأَرْضِ فَتُرْفَعُ حِينَئِذٍ الْإِبَاحَةُ وَهُوَ مَرْدُودٌ فَإِنَّ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>