. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَجُرْهُمٌ أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جُرْهُمِيٌّ فَرَجُلٌ مِنْ وَلَدِ إِسْحَاقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قُلْت) : وَهَذَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ كَعَادَتِهِمْ وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَقَعُ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْ النَّاسِ اثْنَانِ:» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ:» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُسْتَمِرٌّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ آخِرَ الدُّنْيَا مَا بَقِيَ مِنْ النَّاسِ اثْنَانِ وَقَدْ ظَهَرَ مَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْ زَمَنِهِ إلَى الْآنَ الْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ مِنْ غَيْرِ مُزَاحِمَةٍ لَهُمْ فِيهَا وَتَبْقَى كَذَلِكَ مَا بَقِيَ اثْنَانِ كَمَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قُلْت) : وَالْمُتَغَلَّبُونَ عَلَى النَّظَرِ فِي أُمُورِ الرَّغْبَةِ بِطَرِيقِ الشَّوْكَةِ لَا يُنْكِرُونَ أَنَّ الْخِلَافَةَ فِي قُرَيْشٍ وَإِنَّمَا يَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْهُمْ وَلَمَّا تَغَلَّبَ الْعُبَيْدِيُّونَ عَلَى الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْمَغْرِبِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَادَّعُوا الْخِلَافَةَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَإِنْ طَعَنَ غَيْرُهُمْ فِي نَسَبِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُونُوا خُلَفَاءَ الْجَمَاعَةِ فَمَا كَانَتْ خِلَافَةُ الْجَمَاعَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بِبَغْدَادَ فِي بَنِي الْعَبَّاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا خَبَرٌ عَنْ الْمَشْرُوعِيَّةِ أَيْ لَا تَنْعَقِدُ الْوِلَايَةُ الْكُبْرَى إلَّا لَهُمْ مَهْمَا وُجِدَ مِنْهُمْ أَحَدٌ انْتَهَى.
وَهَذَا صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ.
(الثَّالِثَةُ) : قَوْلُهُ «مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ:» هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ:» وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ رُؤَسَاءَ الْعَرَبِ وَأَصْحَابَ حَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَهْلِ حَجِّ بَيْتِ اللَّهِ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِمْ أَهْلَ اللَّهِ وَانْتَظَرُوا إسْلَامَهُمْ فَلَمَّا أَسْلَمُوا وَفُتِحَتْ مَكَّةُ تَبِعَهُمْ النَّاسُ وَجَاءَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دَيْنِ اللَّهِ أَفْوَاجًا وَكَذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ هُمْ أَصْحَابُ الْخِلَافَةِ وَالنَّاسُ تَبَعٌ لَهُمْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّ هَذَا فِي أَمْرِ الْجَوْرِ وَالْأَئِمَّةِ الْمُصَلِّينَ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ اسْمُ الْكُفْرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِخْبَارُ عَنْ حَالَتِهِمْ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا أَشْرَافَ النَّاسِ وَقَادَتِهِمْ.
[فَائِدَة إمَامَة الشَّافِعِيِّ وَتَقْدِيمه عَلَى غَيْرِهِ] ١
(الرَّابِعَةُ) : قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اسْتَدَلَّتْ الشَّافِعِيَّةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِثْلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَقَوْلِهِ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تُقَدِّمُوهَا وَتَعْلَمُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَلَا تُعَلِّمُوهَا:» عَلَى إمَامَةِ الشَّافِعِيِّ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ إذْ الْمُرَادُ بِالْأَئِمَّةِ هُنَا الْخُلَفَاءُ وَكَذَلِكَ بِالتَّقْدِيمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute