للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْثَالِ الدُّنْيَا» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «فَيُقَالُ لَهُ تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى فَيُقَالُ لَهُ لَك الَّذِي تَمَنَّيْت وَعَشَرَةُ أَضْعَافِ الدُّنْيَا» .

ــ

[طرح التثريب]

فَيَتَمَنَّى فَيُقَالُ لَهُ لَك الَّذِي تَمَنَّيْت وَعَشَرَةُ أَضْعَافِ الدُّنْيَا» .

(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ «إنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ» مَعْنَاهُ أَنَّ أَقَلَّ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَظًّا وَأَضْيَقَهُمْ مَقْعَدًا وَأَنْزَلَهُمْ مَرْتَبَةً مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَكَانَ يُقَالُ ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْهُ، وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ هَذَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً» .

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَهُ ثَمَانُونَ أَلْفَ خَادِمٍ وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ زَوْجَةً وَيُنْصَبُ لَهُ فِيهِ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ كَمَا بَيْنَ الْجَابِيَةِ إلَى صَنْعَاءَ» .

[فَائِدَة اسْتِحْبَابُ التَّمَنِّي فِي الْآخِرَةِ] ١

(الثَّالِثَةُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّمَنِّي فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ كَرَاهَةَ ذَلِكَ خَاصَّةٌ بِالدُّنْيَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَتَّى إنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقُولُ لَهُ تَمَنَّ مِنْ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ وَمِنْ الشَّيْءِ الْآخَرِ يُسَمِّيَ لَهُ أَجْنَاسَ مَا يَتَمَنَّى وَهَذَا مِنْ عَظِيمِ رَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ.

(الرَّابِعَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمَ أَوَّلًا بِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ تَكَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فَزَادَ مَا فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَسْمَعْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَك الَّذِي تَمَنَّيْت وَعَشَرَةُ أَضْعَافِ الدُّنْيَا قَدْ يُقَالُ إنَّ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَعْلَمَ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِأَنْ يَكُونَ الَّذِي تَمَنَّاهُ قَدْرَ الدُّنْيَا فَأُعْطِيَهُ وَأُعْطِيَ عَشَرَةُ أَمْثَالِهِ أَيْضًا، وَهُوَ عَشَرَةُ أَمْثَالِ الدُّنْيَا فَلَا مُنَافَاةَ حِينَئِذٍ بَيْنَهُمَا وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ «فَإِنَّ لَك مِثْلُ الدُّنْيَا وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهَا» فَلَمَّا عَبَّرَ عَنْهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِاَلَّذِي تَمَنَّاهُ، وَفِي الْأُخْرَى بِمِثْلِ الدُّنْيَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي تَمَنَّاهُ مِثْلُ الدُّنْيَا تَوْفِيقًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالضِّعْفُ بِمَعْنَى الْمِثْلِ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>