وَعَنْ جَابِرٍ «قَالَ رَجُلٌ يَوْمَ أُحُدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[طرح التثريب]
الثَّانِيَةِ بِلَفْظِ «إنَّ اللَّهَ لَيَعْجَبُ» .
{الثَّانِيَةُ} قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الضَّحِكُ هُنَا اسْتِعَارَةٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الضَّحِكُ الْمَعْرُوفُ فِي صِفَتِنَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ الْأَجْسَامِ، وَمِمَّنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ تَغَيُّرُ الْحَالَاتِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِهِ الرِّضَى بِفِعْلِهِمَا، وَالثَّوَابُ عَلَيْهِ، وَحَمْدُ فِعْلِهِمَا، وَمَحَبَّتُهُ، وَتَلَقِّي رُسُلِ اللَّهِ لَهُمَا بِذَلِكَ لِأَنَّ الضَّحِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ مُوَافَقَةِ مَا يَرْضَاهُ، وَسُرُورِهِ بِهِ وَبِرِّهِ لِمَنْ يَلْقَاهُ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُنَا ضَحِكَ مَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِينَ يُوَجِّهُهُمْ لِقَبْضِ رُوحِهِ وَإِدْخَالِهِ الْجَنَّةَ كَمَا يُقَالُ قَتَلَ السُّلْطَانُ فُلَانًا أَيْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَاهُ يَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَتَلَقَّى بِالرُّوحِ، وَالرَّاحَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ، وَهَذَا مَجَازٌ مَفْهُومٌ قَالَ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ الْخَوْضَ فِي مِثْلِ هَذَا.
{الثَّالِثَةُ} قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَاهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْقَاتِلَ الْأَوَّلَ كَانَ كَافِرًا، وَتَوْبَتُهُ إسْلَامُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] قَالَ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ.
[فَائِدَة سَبَبِ تَسْمِيَةِ الشَّهِيدِ شَهِيدًا] ١
{الرَّابِعَةُ} اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ الشَّهِيدِ شَهِيدًا فَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَإِنَّ أَرْوَاحَهُمْ شَهِدَتْ، وَحَضَرَتْ دَارَ السَّلَامِ، وَأَرْوَاحُ غَيْرِهِمْ إنَّمَا تَشْهَدُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ لِأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مَا أُعِدَّ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ وَالْكَرَامَةِ، وَقِيلَ لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ يَشْهَدُونَهُ فَيَأْخُذُونَ رُوحَهُ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ شُهِدَ لَهُ بِالْإِيمَانِ، وَخَاتِمَةُ الْخَيْرِ ظَاهِرُ حَالِهِ، وَقِيلَ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِكَوْنِهِ شَهِيدًا، وَهُوَ الدَّمُ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ الرِّسَالَةَ إلَيْهِمْ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ.
[حَدِيث قَالَ رَجُلٌ يَوْم أُحُدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْ قُتِلْت فَأَيْنَ أَنَا]
الْحَدِيثُ السَّابِعُ.
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ يَوْمَ أُحُدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ قُتِلْت فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute