. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَقَالَ أَمَا إنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّا أُمِرْنَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، قُلْت وَمَا هُوَ قَالَ الْغُسْلُ؛ فَقُلْت أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ أَمْ النَّاسُ جَمِيعًا؟ قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَلَمْ تَخْتَلِفْ الْأُمَّةُ أَنَّ صَلَاتَهُ مُجْزِئَةٌ إذَا لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْغُسْلُ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا دَلَّ أَنَّهُ اسْتِحْبَابٌ كَالِاغْتِسَالِ لِلْعِيدِ وَالْإِحْرَامُ الَّذِي يَقَعُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ مُتَقَدِّمًا لِسَبَبِهِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ سَبَبِهِ كَالِاغْتِسَالِ لِلْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ انْتَهَى وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فَإِنَّهُ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَهْلَ الظَّاهِرِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُجِيزُونَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ دُونَ غُسْلٍ لَهَا انْتَهَى وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ كَوْنِهِ وَاجِبًا لَا تُجْزِئُ الطَّهَارَةُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ إلَّا بِهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ إلَّا إنْ أَوَّلَنَا كَلَامَ الشَّافِعِيِّ بِمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا صَدَّ أَهْلَ الظَّاهِرِ عَنْ الْقَوْلِ بِشَرْطِيَّتِهِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ لِلْيَوْمِ فَيَصِحُّ عِنْدَهُمْ فِعْلُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ بِدُونِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) قَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَرَى مُطْلَقَ الْأَمْرِ لِلنَّدَبِ دُونَ الْوُجُوبِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ فَإِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَرَكَ الِاغْتِسَالَ مَعَ عِلْمِهِ بِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ عُمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَامَتْ عِنْدَهُمْ أَدِلَّةٌ اقْتَضَتْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ
[فَائِدَة شُهُودُ خُطْبَةِ الْجُمُعَة]
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوْلِ عُثْمَانَ سَمِعْت النِّدَاءَ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ السَّعْيَ إنَّمَا يَجِبُ لِسَمَاعِهِ وَأَنَّ شُهُودَ الْخُطْبَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا قُلْت أَمَّا الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَّا بِسَمَاعِ النِّدَاءِ فَظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْ الْمُقَرَّرِ عِنْدَهُمْ فَإِنَّ الْحُجَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَرْفُوعِ وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى أَنَّ شُهُودَ الْخُطْبَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ فَمَحَلُّ نَظَرٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّأَخُّرِ إلَى سَمَاعِ النِّدَاءِ فَوَاتُ الْخُطْبَةِ فَإِنْ قُلْت هَذَا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ فَاتَهُ بَعْضُ الْخُطْبَةِ قُلْت لَعَلَّهُ لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْكَانِ وَعَلَى تَقْدِيرِ فَوَاتِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ لِعُثْمَانَ فَقَدْ حَضَرَهَا خَلْقٌ زَائِدُونَ عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فَلَمْ يُفَوَّتْ سَمَاعُ بَعْضِ الْأَرْكَانِ حَيْثُ لَمْ يَحْضُرْ عَدَدُ الْجُمُعَةِ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ شُهُودِ الْخُطْبَةِ بَلْ يُقَالُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ شُهُودُهَا عَلَى مَنْ زَادَ عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute