. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
جَزْمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَعَلَّلَاهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ أَحْكَامَنَا إلَّا عَنْ تَرَاضٍ فَلَوْ رَضِيَ ذِمِّيَّانِ بِحُكْمِنَا أَخْبَرْنَاهُمَا بِإِيجَابِ الْإِجَابَةِ، وَهَلْ يُخْبَرُ الْمَدْعُوُّ أَمْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ فَهَذَا مَا وَقَفْت عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَاعْتَبَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ زِحَامٌ وَلَا إغْلَاقُ بَابٍ دُونَهُ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ فَأَمَّا الْأَوَّلُ، وَهُوَ انْتِفَاءُ الزِّحَامِ فَقَدْ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا بِخِلَافِهِ، وَقَالَ إنَّ الزِّحَامَ لَيْسَ عُذْرًا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ مُخْتَلِفٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ اعْتِبَارِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ فَإِنَّ الزِّحَامَ مِمَّا يُتَأَذَّى بِهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ إغْلَاقُ الْبَابِ دُونَهُ فَإِنْ أُرِيدَ اسْتِمْرَارُ إغْلَاقِهِ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ أَصْلًا فَهَذَا وَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ حُضُورِ الْوَلِيمَةِ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أُرِيدَ إغْلَاقُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْأَعْلَامِ، وَالتَّوَسُّلِ فَيُفْتَحُ فَهَذَا مُحْتَمَلٌ، وَلَا يَبْعُدُ عَلَى قَوَاعِدِنَا الْقَوْلُ بِهِ لِمَا فِي الْوُقُوفِ عَلَى الْأَبْوَابِ مِنْ الذُّلِّ الَّذِي يَصْعُبُ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِ احْتِمَالُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي مِمَّنْ يَجُوزُ هَجْرُهُ، وَالْقَوْلُ بِهِ عِنْدَنَا قَرِيبٌ لِأَنَّ التَّوَدُّدَ بِحُضُورِ الْوَلِيمَةِ أَشَدُّ وَأَبْلَغُ مِنْ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ فَإِذَا لَمْ يُحَيَّ فَحُضُورُ الْوَلِيمَةِ أَوْلَى فَهَذِهِ عِشْرُونَ شَرْطًا.
[فَائِدَة الْإِجَابَةِ فِي وَلِيمَةِ] ١
(الْخَامِسَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ فِي وَلِيمَةِ غَيْرِ الْعُرْسِ تَمَسُّكًا بِلَفْظِ الْوَلِيمَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ» ، وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «مَنْ دُعِيَ إلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ» ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمَا، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ رَاوِيَ الْحَدِيثِ كَانَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ، وَهُوَ صَائِمٌ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ الْقَاضِي، وَأَشَارَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ بِتَبْوِيبِهِ عَلَى رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ بَابَ إجَابَةِ الدَّاعِي فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَادَّعَى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى الْجَزْمِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي بَقِيَّةِ الْوَلَائِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَحَكَى السَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute