للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ كُلُّ الْأَعْدَادِ فَلَا يَتَنَاجَى أَرْبَعَةٌ دُونَ وَاحِدٍ وَلَا عَشْرَةٌ وَلَا أَلْفٌ مَثَلًا لِوُجُودِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي حَقِّهِ بَلْ وُجُودُهُ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ أَمْكَنُ وَأَوْقَعُ فَيَكُونُ بِالْمَنْعِ وَإِنَّمَا خَصَّ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى.

[فَائِدَة لَا فَرْقَ فِي التَّنَاجِي بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ] ١

(الثَّامِنَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ حَمْلَهُ عَلَى عُمُومِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمَالِكٍ وَأَصْحَابِنَا وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَسَمِعْت ابْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَحْكِي عَنْ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ حَرْبَوَيْه أَنَّهُ قَالَ: هَذَا فِي السَّفَرِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَأْمَنُ الرَّجُلُ فِيهِ صَاحِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَأَمَّا فِي الْحَضَرِ وَبَيْنَ ظَهْرَانِي الْعِمَارَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَعَبَّرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَقِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي السَّفَرِ وَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَأْمَنُ الرَّجُلُ فِيهَا صَاحِبَهُ وَلَا يَعْرِفُهُ وَلَا يَثِقُ بِهِ وَيَخْشَى غَدْرَهُ. انْتَهَى.

فَعَطَفَ قَوْلَهُ فِي الْمَوَاضِعِ عَلَى السَّفَرِ بِالْوَاوِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ وَفِيهِ زِيَادَةٌ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيَشَانِيَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا» ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقِيلَ: كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَلَمَّا فَشَا الْإِسْلَامُ وَأَمِنَ النَّاسُ سَقَطَ هَذَا الْحُكْمُ وَذَلِكَ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْمُنَافِقُونَ بِحَضْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة: ١٠] الْآيَةَ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: كُلُّ ذَلِكَ تَحَكُّمٌ وَتَخْصِيصٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ مَا صَارَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ التَّخْصِيصَ بِالسَّفَرِ حَيْثُ يَخَافُ عَنْ جَمَاعَةٍ هَذَا خَبَرٌ عَامُّ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَالْعِلَّةُ الْحُزْنُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَعُمَّهُمَا النَّهْيُ جَمِيعًا.

[فَائِدَة انْفَرَدَ اثْنَانِ فَتَنَاجَيَا ثُمَّ جَاءَ ثَالِثٌ فِي أَثْنَاءِ تَنَاجِيهِمَا] ١

(التَّاسِعَةُ) مَحَلُّ النَّهْيِ عَنْ تَنَاجِي اثْنَيْنِ دُونَ ثَالِثٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ الثَّالِثُ مَعَهُمَا فِي ابْتِدَاءِ النَّجْوَى، فَأَمَّا إذَا انْفَرَدَ اثْنَانِ فَتَنَاجَيَا ثُمَّ جَاءَ ثَالِثٌ فِي أَثْنَاءِ تَنَاجِيهِمَا فَلَيْسَ عَلَيْهِمَا قَطْعُ التَّنَاجِي بَلْ جَاءَ فِي حَدِيثِ مَنْعِهِ مِنْ الدُّخُولِ مَعَهُمَا حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: جِئْت ابْنَ عُمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>