. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
غَيْرِهِمْ بَلْ وُجُودُ غَيْرِهِمْ مُحَقَّقٌ، وَهُوَ أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ فَيَحْتَمِلُ عُذْرٌ مِنْ كَشْفِ عَوْرَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا سِيَّمَا ذَلِكَ [الْوَقْتِ] ، وَهُوَ حِينَ وَضْعِ ثِيَابِهِمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ فَهُوَ أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الْمَأْمُورِ مَالُك الْيَمِينِ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ بِالِاسْتِئْذَانِ فِيهَا.
[فَائِدَة إفْشَاءُ السِّرِّ]
{الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ} قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُخْرِجَ مَنْ عِنْدَك» سَبَبُهُ شِدَّةُ التَّحَرُّزِ فِي أَمْرِ الْهِجْرَةِ لِئَلَّا يَعُوقَ عَنْهَا عَائِقٌ فَإِنَّ فُشُوَّ السِّرِّ سَبَبٌ لِحُصُولِ الْمَفْسَدَةِ فَلَمَّا أَعْلَمَهُ الصِّدِّيقُ بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ إفْشَاءُ السِّرِّ بِقَوْلِهِ إنَّمَا هُمْ أَهْلُك تَكَلَّمَ بِمَا عِنْدَهُ.
١ -
{التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ} ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ (فَالصَّحَابَةَ) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَسْأَلُك أَوْ أَطْلُبُ مِنْك، وَصَدْرُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ الصِّدِّيقِ لِشِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى صُحْبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ، وَوَصَفَهُ فِي التَّنْزِيلِ بِهِ، وَإِلَّا فَهَذَا كَانَ فِي عَزْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِهَذَا «اسْتَمْهَلَ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ، وَقَالَ عَلَى رِسْلِك فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي» .
{الْعِشْرُونَ} إنْ قُلْت لِمَ امْتَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَخْذِ إحْدَى رَاحِلَتَيْ الصِّدِّيقِ إلَّا بِالثَّمَنِ مَعَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ» . وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إلَّا، وَقَدْ كَافَأْنَاهُ مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهُ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ» .
(قُلْت) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمَالِ أَبِي بَكْرٍ وَمِنَّتِهِ عَلَيْهِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَصْدُقُ ذَلِكَ مَعَ الْعِوَضِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ هُنَا إلَّا بِعِوَضٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِجْرَةَ قُرْبَةٌ عَظِيمَةٌ فَأَرَادَ انْفِرَادَهُ بِالْأَجْرِ فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ} قَوْلُهَا «فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ» أَيْ أَسْرَعَهُ وَأَعْجَلَهُ، وَهُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف: ٥٤] ، وَفِي جِيمِ الْجِهَازِ وَجْهَانِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ، وَالْجِرَابُ بِكَسْرِ الْجِيمِ مَعْرُوفٌ {الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ} وَ «النِّطَاقُ» بِكَسْرِ النُّونِ شُقَّةٌ تَلْبَسُهَا الْمَرْأَةُ، وَتَشُدُّ وَسَطَهَا ثُمَّ تُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ إلَى الرُّكْبَةِ، وَالْأَسْفَلُ يَنْجَرُّ إلَى الْأَرْضِ كَذَا قَيَّدَهُ الْجَوْهَرِيُّ بِكَوْنِ الْأَعْلَى إلَى الرُّكْبَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ أَصْحَابُ الْمُحْكَمِ، وَالْمَشَارِقِ وَالنِّهَايَةِ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ