. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
تَفْعَلُهُ عِنْدَ مُعَانَاةِ الْأَشْغَالِ لِئَلَّا تَعْثُرَ فِي ذَيْلِهَا، وَقَوْلِهَا «فَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقِ» .
كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُنَا، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَسْمَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ بَلَغَنِي أَنَّك تَقُولُ لَهُ يَا بْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ أَنَا وَاَللَّهِ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكُنْت أَرْفَعُ بِهِ طَعَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَطَعَامَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الدَّوَابِّ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَنِطَاقُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ «صَنَعْت سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إلَى الْمَدِينَةِ قَالَ فَلَمْ يَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلَا لِسِقَائِهِ مَا يَرْبِطُهُمَا بِهِ فَقُلْت لِأَبِي بَكْرٍ، وَلَا وَاَللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إلَّا نِطَاقِي قَالَ فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِي بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ، وَبِوَاحِدٍ السُّفْرَةَ فَفَعَلْت فَلِذَلِكَ سُمِّيت ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ» .
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ فِي سَبَبِ تَلْقِيبِ أَسْمَاءَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، وَقِيلَ بَلْ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا قَدْ أَعْطَاك اللَّهُ بِهِمَا نِطَاقَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» .
حَكَاهُ فِي الْمَشَارِقِ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُطَارِقُ نِطَاقًا فَوْقَ نِطَاقٍ تَسَتُّرًا، وَبِهِ صَدَّرَ فِي النِّهَايَةِ كَلَامَهُ، وَقِيلَ كَانَ لَهَا نِطَاقَانِ تَلْبَسُ أَحَدَهُمَا، وَتَحْمِلُ فِي الْآخَرِ الزَّادَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُمَا فِي الْغَارِ حَكَاهُ فِي النِّهَايَةِ قَالَ فِي الْمَشَارِقِ وَمَا فَسَّرَتْ بِهِ هِيَ نَفْسَهَا خَيْرُهَا: فَإِنَّهُ أَوْلَى مَا قِيلَ انْتَهَى.
(فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ فِي أَنَّهَا اسْتَعْمَلَتْ فِي حَاجَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشِّقَّيْنِ مَعًا أَحَدُهُمَا فِي السُّفْرَةِ، وَالْآخَرُ فِي السِّقَاءِ أَوْ اسْتَعْمَلَتْ فِي حَاجَتِهِ أَحَدَهُمَا فَقَطْ، وَأَبَقْت الْآخَرَ لِنَفْسِهَا.
(قُلْت) الَّذِي يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ الرِّوَايَةُ بِاسْتِعْمَالِهَا لَهُمَا فِي حَاجَتِهِ فَإِنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَهِيَ مُخْبِرَةٌ بِهِ عَنْ نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْآخَرِ فَإِنَّ النَّاقِلَةَ لَهُ عَائِشَةُ، وَكَانَتْ إذْ ذَاكَ صَغِيرَةً وَغَيْرَ صَاحِبَةِ الْقَضِيَّةِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ الْمُوَافِقَةُ لِذَلِكَ فَقَالَتْهَا فِي آخِرِ عُمْرِهَا وَحُزْنِهَا عَلَى وَلَدِهَا وَغَيْظِهَا مِنْ الْحَجَّاجِ فَاَلَّذِي قَالَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الضَّبْطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ} قَوْلُهَا «فَأَوْكَأَتْ الْجِرَابَ» كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَظَاهِرُهُ نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَى عَائِشَةَ، وَاَلَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ» تَعْنِي أَسْمَاءَ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ.
{الرَّابِعَةُ، وَالْعِشْرُونَ} قَوْلُهَا «ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute