وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِمُنْجِيهِ عَمَلُهُ وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا: قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ وَلَا أَنَا إلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ» .
ــ
[طرح التثريب]
فَهِيَ مَقْطُوعٌ بِقَبُولِهَا، وَإِنْ كَانَتْ سِوَاهَا مِنْ أَنْوَاعِ التَّوْبَةِ فَهَلْ قَبُولُهَا مَقْطُوعٌ بِهِ، أَوْ مَظْنُونٌ؟ فِيهِ خِلَافٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَاخْتَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ مَظْنُونٌ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ عَلَى يَقِينٍ، وَمِنْ قَبُولِ التَّوْبَةِ عَلَى خَطَرٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ دَائِمَ الْحَذَرِ.
(السَّادِسَةُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوْلِهِ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ إلَى آخِرِهِ فِيهِ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ قَبِيلِ هَذَا مِنْ دَهَشٍ وَذُهُولٍ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِهِ وَكَذَلِكَ حِكَايَتُهُ عَنْهُ عَلَى طَرِيقٍ عِلْمِيٍّ وَفَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا عَلَى الْهُزْءِ وَالْمُحَاكَاةِ وَالْعَيْبِ لِحِكَايَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهُ وَلَوْ كَانَ مُنْكَرًا مَا حَكَاهُ.
[حَدِيث لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِمُنْجِيهِ عَمَلُهُ وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا]
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ أَحَدُكُمْ بِمُنْجِيهِ عَمَلُهُ وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ وَلَا أَنَا إلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَأَبِي صَالِحٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ حُجَّةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ لَا ثَوَابٌ وَلَا غَيْرُهُ بَلْ الْعَالَمُ مُلْكُهُ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ فِي سُلْطَانِهِ يَفْعَلُ فِيهِمَا مَا يَشَاءُ فَلَوْ عَذَّبَ الْمُطِيعِينَ وَالصَّالِحِينَ أَجْمَعِينَ وَأَدْخَلَهُمْ النَّارَ كَانَ عَدْلًا مِنْهُ وَإِذَا أَكْرَمَهُمْ وَنَعَّمَهُمْ وَأَدْخَلَهُمْ الْجَنَّةَ فَهُوَ بِفَضْلٍ مِنْهُ وَلَوْ نَعَّمَ الْكَافِرِينَ وَأَدْخَلَهُمْ الْجَنَّةَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ أَخْبَرَ وَخَبَرُهُ صِدْقٌ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ هَذَا بَلْ يَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ وَيُعَذِّبُ الْكَافِرِينَ وَيُدْخِلُهُمْ النَّارَ عَدْلًا مِنْهُ فَمَنْ نَجَا وَدَخَلَ الْجَنَّةَ فَلَيْسَ بِعَمَلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِعِلْمِهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا هُوَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَذَهَبَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إلَى إيجَابِ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحَكَّمُوا الْعَقْلَ وَأَوْجَبُوا مُرَاعَاةَ الْأَصْلَحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute