وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «بِئْسَ مَا عَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ قَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ تَعْنِي رِجْلِي فَضَمَمْتهَا إلَيَّ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «كُنْت بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْت رِجْلَيَّ وَإِذَا قَامَ بَسَطْتهمَا قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ» .
ــ
[طرح التثريب]
مُخَالِفٌ لِقَوْلِهَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ «وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ» .
فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ رِجْلَيْهَا كَانَتَا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا «وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ» أَنَّهُ كَانَ مُسْتَقْبِلَ أَسْفَلِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَرِضَةً وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَسْفَلَ رِجْلَيْهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ كَانَ مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِي يَنَامَانِ عَلَيْهِ» .
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَرِضَةً بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنَامُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ جِهَةُ أَرْجُلِهِمَا إلَى الْقِبْلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبَقِيَّةُ فَوَائِدِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ.
[حَدِيث بِئْسَ مَا عَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ]
{الْحَدِيثُ الثَّانِي} وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ قَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ. تَعْنِي رِجْلِي فَضَمَمْتهمَا إلَيَّ» .
(فِيهِ) فَوَائِدُ:
{الْأُولَى} فِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ إلَى النَّائِمِ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ {الثَّانِيَةُ} ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا نَاسِخٌ أَوْ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّسْخِ وَاضِحٌ لِأَنَّ النَّسْخَ وَإِنْ كَانَ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ فَإِنَّا نَعْلَمُ أَزْوَاجَهُ خُصُوصًا عَائِشَةَ مَا حَكَيْنَهُ عَنْهُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ هُوَ النَّاسِخُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ لَوْ حَدَّثَ شَيْءٌ عَلِمْنَ بِهِ وَقَدْ عُلِمَ التَّارِيخُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَوْنَهُ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute