. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
إلَيْهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْت مَنْ يُفَسِّرُ هَذَا الْحَدِيثَ يَقُولُ: شُومُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ وَلُودٍ وُشُومُ الْفَرَسِ إذَا لَمْ يُغْزَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وُشُومُ الدَّارِ جَارُ السُّوءِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالشُّومِ هُنَا عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «سَعَادَةُ ابْنِ آدَمَ فِي ثَلَاثَةٍ وَشِقْوَةُ ابْنِ آدَمَ فِي ثَلَاثَةٍ فَمِنْ سَعَادَتِهِ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ، وَمِنْ شِقْوَتِهِ الْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ» وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الرَّابِعِ بِأَنْ قَرَنَ بِالِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التغابن: ١٤] وَذَكَرَ فِي الْبَابِ حَدِيثَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ «مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَةً أَضُرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ» وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَلِيقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنِسْبَتُهُ إلَى أَنَّهُ مُرَادُ الشَّرْعِ فَاسِدَةٌ.
[فَائِدَة فِي النَّهْي عَنْ الْفِرَارِ مِنْ بَلَدِ الطَّاعُونِ] ١
(الرَّابِعَةُ) حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْفِرَارِ مِنْ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَأَبَاحَ الْفِرَارَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ» فَمَا الْفَرْقُ ثُمَّ حَكَى عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْجَامِعَ لِهَذِهِ الْفُصُولِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.
(أَحَدُهَا) مَا لَمْ يَقَعْ الضَّرَرُ بِهِ وَلَا اطَّرَدَتْ بِهِ عَادَةٌ خَاصَّةً وَلَا عَامَّةً فَهَذَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الشَّرْعُ الِالْتِفَاتَ إلَيْهِ وَهُوَ الطِّيَرَةُ.
(وَالثَّانِي) مَا يَقَعُ الضَّرَرُ عِنْدَهُ عُمُومًا لَا يَخُصُّهُ وَنَادِرًا لَا مُتَكَرِّرًا كَالْوَبَاءِ فَلَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
(وَالثَّالِثُ) مَا يَخُصُّ وَلَا يَعُمُّ كَالدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ فَهَذَا يُبَاحُ الْفِرَارُ مِنْهُ.
[فَائِدَة حَصَرُ الشُّومَ فِي ثَلَاثٍ الفرس وَالْمَرْأَة وَالدَّار]
(الْخَامِسَةُ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ (الشُّومُ فِي ثَلَاثٍ) حَصَرَ الشُّومَ فِيهَا بِاخْتِلَافِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا: إنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةٌ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ سُنَنِ النَّسَائِيّ مُرْسَلًا ذَكَرَ السَّيْفَ أَيْضًا، وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّ جَدَّتَهُ زَيْنَبَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَعُدْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ وَتَزِيدَ مَعَهُنَّ السَّيْفَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي الرَّبْعِ وَالْخَادِمِ وَالْفَرَسِ» فَلَمْ يَذْكُرْ الْمَرْأَةَ، وَذَكَرَ الْخَادِمَ بَدَلَهَا وَقَدْ حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ مَعَ الثَّلَاثِ شَيْئَانِ آخَرَانِ الْفَرَسُ وَالْخَادِمُ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِي الثَّلَاثِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: هُوَ حَصْرُ عَادَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute