. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لَهُ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَقَدْ فَسَّرَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلِّلَ بِهِ صَدْرَهُ لَا يَرْفَعُ مِنْهُ جَانِبًا وَلَا يَبْقَى مَا يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ وَهَذَا يَقُولُهُ أَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ سُمِّيَتْ صَمَّاءَ؛ لِأَنَّهُ سَدَّ الْمَنَافِذَ كُلَّهَا كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَرْقٌ وَلَا صَدْعٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ.
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيَقُولُونَ هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ثُمَّ يَرْفَعَهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَيَضَعَهُ عَلَى أَحَدِ مَنْكِبَيْهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ فَعَلَى تَفْسِيرِ أَهْلِ اللُّغَةِ يُكْرَهُ الِاشْتِمَالُ الْمَذْكُورُ لِئَلَّا تَعْرِضَ لَهُ حَاجَةٌ مِنْ دَفْعِ بَعْضِ الْهَوَامِّ وَنَحْوِهَا أَوْ غَيْرِهَا فَيَعْسُرُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَعَذَّرُ فَيَلْحَقُهُ الضَّرَرُ، وَعَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ يَحْرُمُ الِاشْتِمَالُ الْمَذْكُورُ إنْ انْكَشَفَ بَعْضُ الْعَوْرَةِ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ.
(قُلْت) : وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْفُقَهَاءُ قَوْلُهُ فِيهِ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ، وَلَيْسَ فِي تَفْسِيرِ أَهْلِ اللُّغَةِ رَفْعُهُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إذَا مَا صَلَّى فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ الِاحْتِيَاطُ لِلْعَوْرَةِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ مِنْ عَجْزِهِ عَنْ الْحَرَكَةِ وَالتَّصَرُّفِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى الِاحْتِيَاطُ لِلْعَوْرَةِ لِئَلَّا تَنْكَشِفَ وَذَلِكَ يُؤْمَنُ بِالْمُخَالَفَةِ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَرَبْطِهِ عَلَى عَاتِقِهِ بِخِلَافِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ لَا يُؤَيِّدُهُ إلَّا تَأَكُّدًا وَشِدَّةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{التَّاسِعَةُ} اللَّمْسُ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ الْمُلَامَسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَ فِيهَا بَدَلَ الْمُنَابَذَةِ النَّجْشَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.
[فَائِدَة مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةً أَمْ لَا]
{الْعَاشِرَةُ} قَوْلُهُ (نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ) لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ النَّهْيِ بِالْمَذْكُورِ حَتَّى يَدُلَّ عَلَى انْتِفَاءِ النَّهْيِ عَنْ لِبْسَةٍ ثَالِثَةٍ وَبَيْعَةٍ ثَالِثَةٍ فَإِنَّ هَذَا فِي مَعْنَى مَفْهُومِ اللَّقَبِ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأُصُولِ فِي أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةً أَمْ لَا، وَأَمَّا هَذَا فَسَمَّاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَفْهُومَ الْمَعْدُودِ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَانِ وَدَمَانِ» وَذَكَرَ أَنَّ مَفْهُومَهُ لَيْسَ حُجَّةً وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَفْهُومِ الْعَدَدِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ بِأَنَّ الْعَدَدَ شِبْهُ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَك فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فِي قُوَّةِ قَوْلِك فِي إبِلٍ خَمْسٍ بِجَعْلِ الْخَمْسِ صِفَةً لِلْإِبِلِ وَهِيَ إحْدَى صِفَتَيْ الذَّاتِ؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ قَدْ تَكُونُ خَمْسًا وَقَدْ تَكُونُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَلَمَّا قَيَّدَ وُجُوبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute